الاصلاحية | خاص |
خلال سنوات الأزمة برز إلى الواجهة العديد من المتمولين الجدد تحت مسمى “رجال أعمال” ومثلهم العديد من المسؤولين بعضهم برتبة “وزير”، تشاركوا ربما بغير قصد في صناعة السمعة الرديئة لجهة إدارة أعمالهم ومؤسساتهم.
فهد كنجو | في الحالة الأولى ونقصد “المتمولين الجدد” نجدهم غير آبهين في إدارة سمعة أعمالهم لتغيير الصورة الذهنية التي تشكلت عنهم عند شرائح مختلفة من المواطنين على أنهم “أثرياء حرب” وان أعمالهم “غسالة” لتبييض الموال ليس إلا، طالما أن من يقابلهم من قادة إداريين في الجهات الحكومية التي تشرف على أعمالهم بحكم القوانين والأنظمة، أيضاً غير مكترثين بسمعة الوظيفة العامة، لم تفكر أي جهة عامة تتعامل مع هؤلاء “التجار” أو “المستثمرين” إن صحة التسمية عليهم، بإصدار بيانات توضح حجم وقيمة الأعمال التي نفذوها وفق العقود التي أبرمتها معهم!!، أكثر من ذلك كل التعاملات والصفقات والاستثمارات التي أبرمت، اكتنفها الكثير من الغموض!!، ولا مرة صرحت وزارة المالية عن حجم الضرائب المستوفاة منهم بحكم نشاطهم الاقتصادي اللافت!.
هنا نتذكر على سبيل المثال قضية “تجميع السيارات”، والتي تحولت لاحقاً لفضيحة بعد أن تكشف حجم الأرباح التي تحققها شركات التجميع، من خلال استيراد سيارات جاهزة تحت اسم “مكونات” للالتفاف على منع الاستيراد، معظم “السيارات المجمعة” شارك مسؤولون حكوميون في حفل إطلاقها وساهموا في تسويقها على أنها صناعة تجميعية محلية وأنها خطوة نحو وضع سورية في مصاف الدول المصنعة للسيارات، إلا أنه ونتيجة ضغط تقارير إعلامية، تحركت الحكومة للملمة “الفضيحة” وشكلت لجنة من 6 وزراء لتصحيح مسار هذه “الصناعة”، بطبيعة الحال شارك في عضوية تلك اللجنة الوزراء نفسهم الذين كانوا يحتقلون مع شركات التجميع في إطلاق وتسويق سياراتهم!!.
وعندما استطاعت الجهات الحكومية القبض على الموقف لجهة مسكها خيوط إدارة عمليات التجميع من خلال استصدراها المرسوم رقم 114 الذي حدد رسوم جمركية جديدة على استيراد مكونات السيارات وفقاً لعدد الصالات التي تملكها الشركة المجمعة، وما تبع ذلك من ضبط لمئات السيارات وتغريم إحدى الشركات بنحو 15 مليار، ذلك حدث قبل عدة أشهر، بقي الأمر طي الكتمان أو على الأقل لم تحبذ أي جهة الحديث عنه، وفي حال اضطرت احدى الجهات المعنية التصريح به، قالت” إحدى شركات التجميع” دون تحديد اسم الشركة، رغم أن الشركة التي اتخذ بحقها هذا الاجراء لا زالت مستمرة في التسويق لسياراتها عبر مختلف وسائل الإعلام، والسؤال لما كل هذا الخوف من ذكر الاسم؟!، بالتأكيد ليس خوفاً على سمعة الشركة أو على سرية معالجة الأمر، انما يبدو إمعاناً في السير على ذات النهج المتخبط لجهة اللامبالاة بإدارة سمعة المؤسسات الحكومية، فيما تتفاخر الشركة بأن “كيا رجعت لسوريا”!، رغم أنه لم يعد خافياً على أحد بأن تلك العودة الميمونة كانت على حساب فوات المنفعة العامة!!.
في مثال آخر على عدم الاكتراث بسمعة المؤسسات الحكومية وبيئتها القانونية والتشريعية، تصرف المجلس الأعلى للسياحة والذي يرأسه رئيس مجلس الوزراء ويضم عدد من الوزارت خلافاً لصلاحياته، عندما أعطى الموافقة لمحافظة دمشق بتسليم “مول المالكي” لمستثمر آخر، وبعيداً عن حيثيات الصفقة، ورغم الضجة التي أحدثتها في أوساط المستثمرين، اكتفت المحافظة ببيان مقتضب حاولت فيه إظهار حرصها على على العائد المالي الأكبر المتأتي من هذه الصفقة، فيما لم يصدر أي تبرير قانوني من المجلس، رغم أن الحكومة حالياً بصدد اصدار قانون استثمار جديد أحد أهم مفرداته هو منح مزيد من الضمانات للمستثمرين.. (لينتظر المستثمرون قانوناً عصرياً واضح الرؤى والمحفزات.. هذا ما صرحت به وزيرة الاستثمار)، لقد كان عملية تسليم المول صفعة على وجه هذا القانون قيل أن يولد!!.
في حادثة أخرى مضى عليها عدة سنوات افتتح وزير اقتصاد أسبق فعالية اقتصادية تحت مسمى “قرية الصادرات” بهدف تسويق موسم الحمضيات، ما اعتبر ترخيصاً رسمياً لتلك القرية، دفع مزارعي الحمضيات لتسليم محصولهم لها، ومرت السنوات ولم يتقاضى المزارعون ثمن محصولهم والقيمة الاجمالية لكيمية الحمضيات التي استلمتها “القرية” قدرت بمئات الملايين، حفظت القضية ضد مجهول، لم تتعب نفسها وزارة الاقتصاد بتقديم أي تبرير أو توضيح للحادثة رغم تعاقب وزيرين على حقيبة الاقتصاد منذ تلك الحادثة، والأنكى من ذلك استضافت إحدى الصحف المحلية في ملحق لها منذ شهر تقريباً المسؤول عن تلك “القرية” كأحد أهم رجالات الاقتصاد السوري!!.
لم تكن مقنعة لجنة الوزراء الستة في كل مخرجاتها بما يخص مسألة تجميع السيارات لجهة إدارة سمعة المؤسسات الحكومية بما يخدم إعادة تشكيل صورة ذهنية أفضل عنها، ورغم محاولة التقليل مؤخراً من قيمة مستوردات مكونات السيارات لصالح شركات التجيمع بقيت القضية محط جدل وتنم عن محاباة إدرات الجهات العامة لأصحاب رؤوس الأموال “الفضفاضة”!، هذا ولم يفلح المجلس الأعلى للاستثمار باستثمار “قضية” مول المالكي لإطلاق يد القانون في إيصال رسالة إلى قطاع الأعمال بأن “الاستثمارات” تحكمها بيئة تشريعية واضحة ومتينة بعيداً عن مزاجية القائمين على تطبيقها!!، كما أن حادثة “قرية الصادرات” نالت من هيبة الرعاية الرسمية للفعاليات التي ينفذها القطاع الخاص، لم يعد هناك ثقة باليد الرسمية التي تقص الشريط الأحمر!.
الاصلاحية | صار وقتا..
Post Views:
0