الاصلاحية_عناية مركزة:
تقول الطرفة: إن أساتذة جامعة استقلوا طائرة للسفر إلى دولة أخرى لحضور مؤتمراً علمياً، وبعد أن صعدوا وأخذوا أماكنهم، أخبرهم الكابتن أن الطائرة هي من صناعة طلابهم، وأنها أي الطائرة ستقلع في رحلتها الأولى، دب الرعب في قلوب الأساتذة وهموا بالنزول من الطائرة باستثناء أستاذ واحد بدا هادئاً مطمئناً، فسألوه إلى هذه الدرجة أنت مطمئن من أن الطائرة لن تسقط ؟؟، قال: لا .. لكني مطمئن من أن الطائرة لن تقلع أصلاً..!!.
هل حقاً نؤمن بالصناعة الوطنية ؟!، في زمن الحرب كالحرب الدائرة على الأراضي السورية منذ ما يقارب ست سنوات يصبح هكذا سؤال أقرب إلى الترف الفكري، مع ذلك يبقى الترف الحكومي أكثر وطأة على الخزينة العامة من الأفكار التي قد تبدو للوهلة الأولى في غير أوانها.
لو نعدل السؤال ونسأل: “ما معنى أن تخصص سيارات فاخرة ماركة “لكزس” مثلاً لأعضاء الفريق الحكومي..؟؟!!، طبعاً في الوقت الذي بات السواد الأعظم من الشعب تحت خط الفقر، ربط السؤال مع حقيقة أننا بلد مصنع للسيارات يعطي السؤال زخماً واقعياً، دخلت سورية نادي الدول المصنعة للسيارات قبل نحو 10 سنوات بسيارة “شام”، أغلب دول العالم والتي تشبهنا بشكل أو بآخر /دول نامية/ وبعضها متفوق علينا تخصص ماركة سيارات محلية الصنع للاستخدام الحكومي، حدث أن استقبل وزير خارجية روسيا نظيره الأمريكي بسيارة موديل خمسينيات القرن الماضي روسية الصنع، إذا لماذا لا تكون سيارة /شام/ محلية الصنع الناقل الرسمي للسادة الوزراء ومن في حكمهم..؟؟!!.
“السعي وراء الكمال” ذلك شعار سيارة “لكزس”، فهل كانت تسعى حكومة “العطري” في العام 2009 إلى الكمال ؟؟، في ذلك العام انضمت 30 سيارة من نوع “لكزس” إلى أسطول السيارات الحكومي قيمة كل واحدة 100 ألف دولار أمريكي، واحتلت مركزها كناقل رسمي للسادة الوزراء وبعض من في حكمهم (سيارة مراسم) بدل المارسيدس /الشبح والنملة/ والأودي.
بعرف الحكومة يخصص لكل وزير ثلاث سيارات واحدة منها رسمية يستقلها ضمن دمشق حالياً هي “لكزس”، وواحدة للسفر إلى الضواحي والمحافظات الأخرى يفضلونها موديل جيب /دفع رباعي/ وأخرى للتمويه والجولات المفاجئة، طبعاً هذه التقسيمات وفق مصادر حكومية، لكن أغلب الوزراء لا يلتزمون بهذا العدد أو تلك التقسيمات فمرآب المؤسسات الحكومية يعود ريعه الخدمي لراحة السادة الوزراء ومن في حكمهم أو حتى من هم أدنى منهم بقليل.
تغيب سيارة “شام” عن كل تلك التقسيمات، أكثر من ذلك لم تجد السيارة المحلية حظوة عند أصحاب المناصب العليا في الدولة ولو حتى في خدمة أسرهم وذويهم، وسجلت حضور خجول في مرآب مؤسساتنا العامة، وخصصت لمدراء مركزيين أو فرعيين، لحقها الظلم ولم تحصل على الترويج الكافي، كيف للمواطن العادي أن يتجه لاقتنائها في ظل وجود سوق منافسة واسعة ؟؟.
من حكومة “العطري” إلى حكومة “خميس” مروراً بحكومة “الحلقي” و”عادل سفر” وبينهما حكومة المنشق “رياض حجاب”، منطقياً فإن خمس فرق وزارية تناوبت على ركوب سيارة “المشروع F1” المشروع الذي أطلق بعد اجتماع سري عقده رئيس مجلس إدارة شركة تيوتا اليابانية مع المدراء التنفيذيين في العام 1983 طرح خلاله السؤال الأبرز حول إمكانية تصنيع سيارة فاخرة تنافس أفضل السيارات في العالم وكانت “لكزس”.
بداية العام الجاري استأنفت الشركة السورية الإيرانية “سيامكو” أعمالها لإنتاج سيارة “شام” التي بيعت في الأعوام الأولى من انطلاقتها بحدود 650 ألف ليرة سورية، كان ذلك قبل الأزمة /الدولار الواحد يعادل 50 ل.س/، في 22 الشهر الفائت نظمت غرفة صناعة دمشق وريفها بالتعاون مع لجنة سيدات الأعمال الصناعيات مؤتمر الصناعة والاستثمار لإعادة الإعمار ومعرض خدمات الشركات ورجال الأعمال، عرضت سيارة “شام” الحديثة بسعر 8 مليون ليرة سورية، الإقبال عليها ضعيف، على ما قال شاب يعمل في الشركة العارضة، السيارة لم تدخل في الاستعمال، المستعمل ينافسها بقسوة.
تتجه الشركة وفق تصريح لمديرها بداية الشهر الجاري لإنتاج سيارة بعلبة سرعة أوتوماتيك، بعد أن تلقت الشركة وعوداً جدية من شركة إيران خودرة لتحسين مواصفات سيارة “شام”، طبعاً خلال العام الجاري أنتجت الشركة سيارتين هما “بالميرا” و”شمرا” إلى جانب “شام”.
إذا الإنتاج مستمر والسوق السورية اليوم لا تتسع يقول تجار السيارات أن السعر المرتفع لسيارة “شام” الحديثة حفز الأسعار في سوق المستعمل، المستهلك المحلي ليس له ثقة بها علاوة على أن سعرها مرتفع وغير منافس.
إذاً لمن تصنع الشركة ؟؟.
ربما على وزير الصناعة أن يطرح هذا السؤال في مجلس الوزراء، وعليه أيضاً أن يرفع مقترحاً لجعل من سيارة “شام” الناقل الرسمي للسادة الوزراء، فكرة مجنونة بعض الشيء لو تبناها المهندس عماد خميس لسجل علامة فارقة تعيش لأجيال، الواقعي في الأمر أن تسويق وترويج السيارة سيكون أسهل، حكومة الفقراء تستخدم سيارات شعبية ورخيصة وصناعة محلية، سيصبح الفريق الوزاري واحد، على غرار “الفريق واحد” الذي شكلته وكالة سوتشي&سوتشي (وكالة إعلانات تتعامل معها تيوتا منذ وقت طويل) عام 1986 كوحدة متخصصة للتسويق للعلامة التجارية الفاخرة “لكزس” اختير من قائمة أسماء واسعة تيمناً باسم “الكسيس” أشهر نجمات الدراما الأمريكية في ذلك الوقت، على اعتبار أن الشركة كانت تستهدف السوق الأمريكية.
من الأرشيف “فهد كنجو”
Post Views:
0