منصة التحكيم:
«موازنة النسخ- لصق».. من أكثر العبارات التي ترددت أمس بين نواب الشعب تحت القبة خلال عرض وزير المالية مأمون حمدان للبيان المالي للحكومة ومشروع موازنة العام 2018، نظراً لتكرار عبارات كما هي، سبق أن وردت في موازنة العام الجاري، علماً بأنه اتفق على خطأ بعضها على أن يتم تغييرها، وذلك خلال مناقشة موازنة 2017 كما تكرر العديد من المشاريع، ما دفع نواب للتساؤل عن مصير ما أنفق عليه سابقاً، طالبين توضيحاً من الوزير، كما أثار النواب العديد من الموضوعات مثل سعر الصرف المعتمد في موازنة 2018 وزيادة الرواتب وتحسين الوضع المادي لعناصر الجيش العربي السوري والتمويل بالعجز.. وطلب أكثر من 20 عضواً الحديث، على حين رفعت الجلسة إلى اليوم وأكثر من نصفهم لم يدل بدلوه بخصوص الموازنة، فبقيت التساؤلات بلا إجابات من الوزير، الذي أقرّ بأن الموازنة أقرب إلى الواقع من موازنة العام الجاري، بمعنى أنها لا تنقل الصورة الواقعية بشكل دقيق.
وفقاً للدستور، ورد البيان المالي إلى مجلس الشعب قبل 60 يوماً من نهاية العام، وعرضت أمس في أول جلسة بعد ورودها. واستعرض وزير المالية عبر جهازه اللوحي –أثار التهامس بين بعض النواب من باب المزاح- بنود الموازنة موضحاً تحسنها بنسبة تزيد على 20 بالمئة عن موازنة العام الجاري إذ بلغت 3187 مليار ليرة سورية. وبلغت الإيرادات المتوقعة 2378 مليار ليرة، وقدّر العجز بنحو 809 مليارات ليرة، وشملت دعماً اجتماعياً إجمالياً قدره 1358 مليار ليرة سورية، منوهاً أن التحسن شمل الإيرادات أيضاً مقارنة بالعام الجاري، والنفقات بشقيها الجاري والاستثماري، نظراً لاهتمام الحكومة بالتمكين الاجتماعي وتحسين ظروف المعيشة للمواطنين وفي التشغيل والإنتاج والاستثمار أيضاً.
نقطة إشكالية في عجز الموازنة توقف عندها الوزير ملياً، وأثارت جدلاً بين النواب، ارتبطت بأجزاء الدعم الاجتماعي المدخل في حساب العجز، إذ اعتمدت الحكومة أكثر من نهج في هذا المجال خلال الأعوام الماضية، إذ كان كامل مبلغ الدعم الاجتماعي يضاف إلى العجز، بحيث يبرز العجز الحقيقي في الموازنة، لذا كانت أرقام العجز تزداد بشكل كبير، إذ بلغت 186 مليار ليرة عام 2011 و547 عام 2012 و749 عام 2013، ثم بدأ الرقم ينخفض (524 عام 2014) نظراً لعدم احتساب دعم الكهرباء والمشتقات النفطية –يشكلان القسم الأكبر من الدعم- في العجز. أما العام القادم فاتفق بعد مناقشات طويلة في الحكومة على عدم احتساب دعم الكهرباء (700.9 مليار ليرة) ضمن العجز، واحتساب دعم المشتقات النفطية (257.5 مليار ليرة) ودعم الدقيق التمويني (375 مليار ليرة) وباقي مكونات الدعم (25 مليار ليرة). علماً بأن سعر الصرف المعتمد في الموازنة هو 500 ليرة للدولار، في زيادة 30 ليرة عن العام الجاري حيث اعتمد 470 ليرة للدولار.
منوهاً بأن هذا هو السبب الحقيقي لارتفاع أرقام العجز الواردة في الموازنات السابقة وليس تغيرات سعر الصرف. مشيراً إلى أن الأمل باحتساب كامل الدعم في العجز بل والانتقال إلى مرحلة لا يوجد فيها عجز خلال السنوات القادمة.
هذه القضية ليست بجديدة، وكانت تثير جدلاً كل عام تحت القبة، وقد أصرّ الناب محمد خير العكام في مداخلته أمس، على ضرورة احتساب كامل الدعم ضمن العجز لتكون الموازنة حقيقية.
من جانبه أكد رئيس لجنة الموازنة في مجلس الشعب النائب حسين حسون دستورية مشروع الموازنة من حيث الالتزام بالتوقيت في تقديمها لمجلس الشعب –أثار اعتراض النائب مجيب الدندن الذي بين وجود مخالفة دستورية لأن ورود الموازنة كان يتوافق مع الدستور لكن عرضها أمس فيه تأخير وهذا يجب أن تراعيه الحكومة، في حين عارضه النائب محمد خير العكام مؤكداً التوافق مع الدستور- منوهاً بأن العجز الذي يشكل أكثر من 25 بالمئة من الموازنة سوف يموّل بالعجز وهذا أمر خطير ويؤثر سلباً على مستقبل الأجيال القادمة. مطالباً الحكومة بإيجاد بدائل والتخفيف من آثار هذا الأسلوب في تمويل عجز الموازنة.
وأشار حسون إلى استمرار مخالفة الدستور بتأخير ورود الحسابات الختامية لموازنات الأعوام (2012- 2013- 2014- 2015- 2016) إلى مجلس الشعب من وزارة المالية، علماً بأن قطع الحسابات يتم بقانون ويعامل معاملة قانون الموازنة.
افتتحت النائب مها شبيرو مداخلات النواب متسائلة عن جدوى النقاشات إن لم تكن قادرة على تغيير أي رقم أو تعديل أي تفصيل في الموازنة.
النائب عهد كنج طالب بسياسة مالية توسعية، تتضمن زيادة في الرواتب والأجور، مع المحافظة على استقرار سعر الصرف، وتفعيل التشاركية الوطنية بحيث تكون ربحية، وعدم البحث عن مطارح ضريبية جديدة، بل تفعيل قانون ضريبة الدخل، وتوفير بدائل للتمويل بالعجز مثل طرح سندات خزينة.
بلهجة حادة، تحدث النائب مجيب الدندن مستغرباً الإشارة إلى زيادة أرقام الموازنة، بينما في الواقع هي منخفضة، إذ بلغت موازنة 2011 مقيمة بالدولار نحو 15 مليار دولار، بينما موازنة 2018 نحو 6.2 مليارات دولار.
مشيراً إلى عدم اشتمال الموازنة على دعم حقيقي، وخاصة لعناصر القوات المسلحة إذ تم الاكتفاء بملغ 10 آلاف ليرة للمقاتلين في حين منحت الحكومة 75 بالمئة من الراتب كتعويض طبيعة عمل للمعالجين الفيزيائيين. كما تساءل عن كيفية تأمين فرص العمل المذكورة في مشروع الموازنة (51681 فرصة).. «وهل تم تأمين فرص العمل كاملة في موازنة العام الجاري، وأين خطط الحكومة لتأمينها؟».
مشيراً في موضوع الدعم إلى أنه لا يصل إلى مستحقيه بشكل دقيق، مستغرباً دعم الحكومة لحلب التي وصفت بشريان الإنتاج على حين تخصيصها بمبلغ ملياري ليرة فقط للاستثمار، بينما خصصت مناطق أخرى بمبالغ أكثر (2.5- 3 مليارات ليرة). كما أشار إلى تكرار مشاريع كانت قد وردت في موازنات سابقة.
بدوره، شدّد النائب محمد خير العكام على أن مشاريع الموازنات كلها متشابهة بقلة الشفافية وبالغموض، إذ إن أرقام الموازنة لا تعكس الواقع، منوهاً بأنه يجب على الحكومة استبدال كلمة الأزمة بكلمة الحرب الواردة في الموازنة بعد سبع سنوات من الحرب، واصفاً الأمر بـ«المعيب». مشيراً إلى أنه من غير العادل أن تشتمل الموازنة على تقديرات بتحصيل ضرائب من ذوي الدخل المحدود (على الرواتب) بمبلغ 33 مليار ليرة سورية، مقارنة بمبلغ 43 ملياراً من أصحاب «الدخول المنتفخة» من ذوي المهن في القطاع الخاص، مطالباً بإصلاح هذا الخلل بشكل سريع، كما أنه يشير إلى حجم التهرب الضريبي.
وتساءل النائب أحمد الكزبري على قرار مصرف سورية المركزي الأخير حول الحوالات الواردة من الخارج وتقييدها، عبر اشتراط إيداعها 3 أشهر إذا زادت على 500 دولار، أو دفع 10 بالمئة منها لتسليمها فوراً، متسائلاً: ألا يعني ذلك اتجاه المواطنين إلى السوق السوداء للتحويل بدلاً من القنوات النظامية؟
وتساءل نواب عن سبب تحديد سعر الصرف بـ 500 ليرة في الموازنة بزيادة 30 ليرة عن الموازنة الجارية رغم استقرار السعر في السوق وهو متداول بأقل من 500 ليرة.
المصدر: جريدة الوطن
Post Views:
0