فهد كنجو | قيد التحرير ..
إلى الأمس كان حاكم مصرف سورية المركزي مصراً على عدم الانجرار وراء ما قال إنها مضاربات عكسية وأسعار يروجها المضاربون على سعر صرف الليرة السورية، فما الذي تبدل بين ليلة وضحاها ؟!، هل تحسنت مؤشرات الانتاج وعائدات الصادرات خلال أقل من 12 ساعة (منذ أيام قليلة صرح الحاكم بعكس ذلك)، أم أنه الوقت المناسب الذي انتظره المركزي بعد دراسة متأنية للحركة النقدية والاقصادية؟!، ماذا عن الهبوط السلس والمتأني الذي يريده المركزي بعيداً عن الانفعال؟، ربما حدث عطل ما في “البراشوت” !!
صباح اليوم فاجأ “المركزي” الجميع بما فيهم المراقبين بتسعير الحولات الواردة إلى القطر بـ 434 ل.س للدولار الأمركي الواحد، وسعر المبيع بـ 437 ل.س، وهو بذلك ينخفض عن سعر نشرة الأمس بـ 56 ل.س، حيث كان حافظ على سعر (490) لنحو اسبوعين !!
فيما افتتحت السوق الموازية تدولاتها صباح اليوم الاثنين على انخفاض في معظم المناطق السورية، وسجل أقل سعر للدولا في حلب بين 420_425 وأعلاه بالعاصمة دمش 435-440، وبذلك يكون سعر المركزي انخفض عنه في السوداء (في دمشق على أقل تقدير) لأول مرة ومنذ نحو شهرين أي منذ أن بدأت موجة المضاربات وفق ما أعلنه المركزي في غير مناسبة، فهل هي مضاربة عكسية على المضاربة العكسية ؟! مع التنويه أن نشرات السوداء تتباين بين لحظة وأخرى نحو الانخفاض وفق ما وردنا خلال إعداد تقرينا !!
اللافت في الأمر كله أن المركزي كان حافظ على سعر دولار تمويل المستوردا عند مستوى (492 ل.س) إلى غاية الأمس، دون أن يطرأ عليه اي تعديل بالتوازي مع تعديل سعر الحوالات صباح اليوم على اقل لم يصدر أي شيء بهذا الخصوص حتى اللحظة، مع ترجيحات أن تصدر نشرة لاحقة بتخفيض سعر دولار المستوردات، أي أن معظم البضائع في السوق باقية على هذا سعرها، ولن تشهد انخفاضاً على المدى المنظور يوازي انخفاض الدولار بهذه النسبة الحادة، وحصة أرباح التجار والصناعيين على الأغلب أن تبقى محفوظة ومصانة، وهنا نتذكر أن الحاكم كان أكد أن انخفاض الدولار لا يعني نزول الأسعار وعلى المواطن أن يضع في ذهنه ذلك وفق تعبيره في آخر ظهور إعلامي له على راديو فرح ضمن حلقة الخميس الفائت من برنامج حبة قبل النوم الاذاعي، معبراً عن تفهمه لتروي التجار والصناعين في خفض أسعارهم!!
طبعاً وإلى هذه اللحظة واضح أن الخاسر الوحيد هو المواطن السوري فوفق التقديرات فإن وسطي حجم الحوالات من الخارج بلغت نحو مليون ونصف المليون دولار يومياً، وتصل في المناسبات إلى نحو 6 مليون دولار، ما يعني أن المركزي وكأنه فرض ضريبة على تحويلات السورينن المغتربين لذويهم في ظل ظروف معيشية قاسية، أي أن مستلم الحوالة يتقاضها بسعر 434 للدولار فيما ينفقها على قضاء حوائجه على سعر 492 ل.س !!، وكلام الحاكم منذ أشهر على إنعاش الطبقة الوسطى ذهب سدىً حيث أن مئات الآلاف من الأسر السورية حالياً تعتاش على حوالات أبنائها المهاجرين الذين يقتطهون مما تجود عليهم به دول اللجوء ويرسلوه لأهلهم !!
لكن ومع بقاء المركزي متمسكاً بإجراءاته ونقصد تحديد سقف صرف الحوالات القادمة بـ 500 دولار، وحولات الكاش الداخلية بـ 100 دولار، واخضاع الحوالات التي تزيد عن ذلك لرصيد المكوث لمدة 3 أشهر، حتماً سيكون خيار أصحاب الحوالات التوجه للسوداء طبعاً مع تضييق الهامش بين السعرين !!
حقيقة الأمر كما وأن المركزي يقدم خدمة مجانية أخرى لتجار السوداء بعد أن ساهم بتنشيطها مؤخراً وفق ما ذكر التقرير الاقتصادي لمركز “مداد” الذي صدر بالأمس قال فيه إن المركزي أفسح المجال للتجار والمضاربين بالتحكم بالسوق من خلال ترك هامش واسع بالتوازي مع فرض إجراءات صارمة لشراء الدولار !!
وبانتظار إجراءات لاحقة تصدر من المركزي بعد أن خفض سعر الحوالات بهذا الشكل الكبير، يمكن لنا أن نتساءل عن مبررات المركزي في ذلك هل كانت صدمة للسوق؟!، أم أنها إفلاس حقيقي من الحلول وخروج من السوق.. الايام القليلة القادمة وتداعيات هذه التصرفات كفيلة بالإجابة !!
الاصلاحية | لأنو صار وقتها..
Post Views:
0