الاصلاحية | فهد كنجو |
وحده سوء الطالع هو من أوقع مزارعي الحمضيات في مواجهة مباشرة مع ارتدادات انخفاض الدولار في السوق السوداء ما لبث أن لحقها المركزي انخفاضاً 56 ليرة دفعة واحدة ، وهنا لا نريد أن نقول أنه سوء الطالع كان برعاية رسمية، فربما الجهات الرسمية المعنية بملف تصدير الحمضيات كانت تفاجأت بهذا الانخفاض الحاد، بكل الأحوال في المعادلة الآتية سنتعرف كيف أن مزارع الحمضيات (ومثله كثر من المنتجين) قد يخسر موسمه للمررة الثانية أو الثالثة وربما الرابعة على التوالي، إحدى المرات كانت خسارته برعاية رسمية، وفي أخرى برعاية التقنين الكهربائي !!
يؤكد مصدرو الحمضيات أن السوق الروسية مثلاً تستقبل طن الحمضيات “البرتقال” من مرفأ بلد المنشأ بـ 325 دولار أمريكي وهو سعر ثابت يتنافس عليه (باختلاف أجور الشحن والجمارك) كل من سورية والمغرب ومصر وتركيا لإدخال منتجاتها إلى تلك السوق وبنفس الفترة الزمنية، يوضح أحد المصدرين أن الطن من “البرتقال” المعد للتصدير واصل إلى المرفأ تبلغ كلفته نحو 150 ألف ليرة سورية، أي نحو 375 دولار أمريكي وفق سعر السوق السوداء الرائج مؤخراً وهو أكثر بقليل في حال كانت الحسبة وفق التسعيرة الجديدة للمركزي الذي لا زال يصر على رصيد المكوث لمدة 3 أشهر للحوالات فوق 100 دولار، فهل علينا أن نصدق أن المصدر سيقبل بخسارة نحو 75 دولار في كل طن “برتقال ؟! طبعاً هذا غير منطقي، المنطقي القول هو إن جميع الكلف ثابة المتغير الوحيد في المعادلة هو سعر المنتج (تعبة الفلاح)، ووفقاً لبيانات رسمية فإن كلفة طن البرتقال على المزارع تصل إلى 71 ألف ليرة سورية، هذا يعني حتى لو قبل الفلاح رمي موسمه في البحر أو تركه على الشجر لن يقبل المصدر التقاطه ورميه في كونيرات التصدير، طبعاً فاتنا أن نخبركم أن الشحن مجاني وهو الذي شجع المصدرين في الفترة السابقة على تصدير الحمضيات وغيرها من المنتجات السورية!!
إذا يبقى حل وحيد أمام مزارعي الحمضيات هو بيع موسمهم للأسواق الداخلية، وفي الأسواق الداخلية تتدخل “السورية للتجارة” وتشتري من الفلاح كيلو البرتقال بـنحو 80 ل.س أي بهامش ربح للفلاح لا يتعد الـ 9 ليرات، السؤال ما هي الكمية التي تستطيع “السورية للتجارة” استجراها ؟! الجواب ليس مهم، عندما نعلم أن الصادرات السورية من الحمضيات تصل إلى نحو 300 ألف طن، أي أن معظم الكمية الفائضة عن حاجة السوق المحلية وهي حكماً تفوق الـ 300 ألف طن في مهب الريح، وحده الفلاح من سيدفع الثمن !!
طبعاً المثال الذي سقناه على “البرتقال” ينطبق على التفاح والرمان وبقية أنواع الصادرات، ووفق ما أكدت مصادر فإنه ومنذ أكثر من 10 أيام توقف التصدير أو يكاد، أي أن ملايين الدولارات من عائدات التصدير شبه توقفت، فكيف للحكومة أن تقول بعد اليوم أن أحد أسباب تحسن سعر صرف الليرة ناتج عن زيادة عائدات التصدير ؟!
وليس سراً إن أخبرناكم أن الحكومة ممثلة برئيسها المهندس عماد خميس ستعقد اجتماعاً صباح يوم غد الأربعاء مع جميع الجهات المعنية بملف التصدير، للتباحث في تجنيب هذا القطاع ما وصفته بتداعيات انخفاض الدولار، ثمة مثل شعبي يقول “العليق عند الغارة لا ينفع” ولمن لا يعرف هذا المثل فهو يعني أنه لا يمكن أن تعمد إلى إطعام الخيل التي ستحارب على صهوتها بينما العدو أغار على دارك وحوافر خيله دكت أرضك، كان على الحكومة أن تعقد هذه الاجتماعات قبل أن تقع الغارة، وقبل أن يقدم حاكم مصرف سورية المركزي على هذه القفزة بالسعر إلى الأسفل، طبعاً إلا إذا كان تفاجأت مثلها مثل غيرها بالخبر !!.
ختاماً نشير إلى آخر تصريح لحاكم مصرف سورية المركزي الدكتور دريد درغام الذي علل فيه إقدامه على خفض الدولار واللحاق بالسوداء علله بأنه يريد إيصال رسالة للمستوردين الذين اشتروا البضاعة وكدسوها في مخازنهم خلال الفترة الماضية واحتكروها، رسالة مفادها أنه آن أوان أن تتوقف “الاحتكارات” على حد تعبيره، على خلاف ما كان عبر عنه سابقاً بتفهمه لتروي التجار والصناعيين في خفض الأسعار عندما ينخفض الدولار، فهل تكون التضحية بموسم الحمضيات ثمناً عادلاً لإيصال تلك الرسالة ؟!،
الإصلاحية| صار وقتها..
Post Views:
0