الاصلاحية | أحوال شخصية |
“كم تمنيت أن القذيفة التي نرميها على العدو ، تعود إلينا ثانية لنقذفها مرات ومرات عليهم وذلك من ندرة القذائف” بهذه الكلمات بدأ حديثه عن لحظات الحصار المريرة الذي كان يطبقه عناصر تنظيم ” داعش ” على مدينة دير الزور .
سبع سنوات قضاها في ساحات و جبهات القتال من دمشق مروراً بالحسكة و إلى دير الزور ، لم يرَ عائلته ومنزله سوى 48 ساعة فقط خلال السبع سنوات، وذلك في عام 2014، يبررها لنفسه بكثرة المهام القتالية و قيادة الفرقة العسكرية 17 متباعدة المواقع، وانشغال المعاونين العسكريين على خطوط التماس.
هو اللواء حسن محمد محمد قائد الفرقة 17 في الجيش العربي السوري بدير الزور ، الذي يقول بحديثه لتلفزيون الخبر ” كان هناك يومياً اشتباكات مع العدو “الداعشي”، ضميري منعني من ترك العناصر والضباط في خنادق القتال دون أن أكون معهم ولجانبهم، لذلك رفضت أن آخذ إجازة واحدة خلال السبع سنوات الماضية من عمر الحرب”.
يتابع اللواء حسن حديثه الشيق و هو الباقي له عدة أسابيع ليحال بعدها إلى التقاعد “لم أستطع أبداً أن أدعهم يقاتلون العدو وأذهب لبيتي، صدقاً أخجل من نفسي إذا سألني أحدهم سواء صديق أو قريب ماذا تفعل هنا وأجيبه ( إجازة )، لو بقيت الدهر وأنا بالخدمة العسكرية لن أغادر وأترك عناصري تقاتل وأنا بعيد عنهم”.
يقول اللواء حسن بفخرٍ شديد “قاتلت في جبهات الغوطة الغربية بدمشق، والكسوة والطيبة والقدم ونهر عيشة والدحاديل وسبينة والبويضة والحجيرة و داريا وطريق المطار والمليحة بريف دمشق، عندما كنت قائد اللواء 91 التابع للفرقة الأولى “.
انتقل بعدها اللواء حسن محمد إلى محافظة الحسكة بعد تعينه نائباً لقائد الفرقة 17 و قائداً عسكرياً، والتي يقول عنها “الحسكة أرى فيها كل سوريا أحببتها كثيراً وأحببت أهلها وناسها الطيبين الذين يضمون حب الوطن في صدورهم ( كل مواطن فيها في قلبه الدولة )” .
يضيف اللواء حسن “قاتلت فيها كثيراً ولم تسقط بيد “الدواعش” حافظنا على مكونات الدولة وبقيت الحياة مستمرة رغم المحاولات العنيفة للسيطرة عليها وكانت ومازالت ( الحسكة ) شوكة في حلق “الدواعش” و الخونة، وذلك رغم قلة العدد والعديد وانتصرنا هناك ” .
وتابع اللواء حسن “هذا النصر كان بفضل تضحيات الجيش و الشرطة و الدفاع الوطني و أهالي المدينة و أبنائها، رغم التشويش الإعلامي من قبل أطراف داخلية، انتصرنا في الحسكة في عيد الجيش الأول من آب من عام 2015م، في زمن الخسائر في المحافظات الأخرى، والقوة الوحيدة التي كانت تحقق الانتصار هي القوات العسكرية فيها في ذلك الوقت”.
يكمل اللواء حسن “بعد انتصار الحسكة، تم تعيني في الشهر السابع من عام 2016م قائداً للفرقة 17 ورئيساً للجنة الأمنية و العسكرية في المنطقة الشرقية، وكان مقرها في مدينة دير الزور التي كانت محاصرة، منذ اللحظة الأولى من تعيني كنت كامل الإيمان و العزيمة بأننا مثلما انتصرنا و قهرنا “الدواعش” في الحسكة سنقهرهم في دير الزور”.
دير الزور بحسب اللواء حسن “هي ليننغراد سوريا لها ألف حكاية وحكاية، طيلة قيادتي للأعمال القتالية في دير الزور لم يمضِ يوماً واحداً لم نخض فيه معركة، والله ننام ونصحو على أصوات المدافع والدبابات وأزيز الرصاص، عداك عن مفخخات الغدر و قذائف الحقد، كان الجندي والمدني يحلم بحبة البندورة أو كاس ماء بارد في حر الصيف الفراتي الشديد”.
يتابع اللواء حسن “مأسي الحصار في دير الزور لم يشهد لها التاريخ مثيل، ما كنت أراه يومياً عند تجوالي بين المدنيين يا للهول! هناك أطفال بأعمار مختلفة لا يستطيعون أن يميزوا أنواع الثمار لأنهم لم يروها أو يتذوقوها أبداً ، كانت هذه المناظر تفطر قلبي و تدمع عيني، ذنبنا وذنبهم الوحيد بأننا عشنا و نريد أن نعيش في كرامة في سوريا”.
يوضح اللواء حسن “كان في المدينة طبيب عام واحد فقط غير متخصص أجرى آلاف العمليات للعسكريين والمدنيين بأدوات بدائية، أجرى عمليات توليد قيصرية وبتر أطراف وعمليات داخلية ونقل دم وغيره الكثير الكثير وكان بارع جداً وتخرج من مدرسة الحصار طبيباً متخصصاً بامتياز”.
اليوم وبفضل تضحيات أفراد الجيش العربي السوري و القوات الوطنية و الرديفة و حلفائنا في محور المقاومة و القوات الروسية الصديقة، يؤكد قائد الفرقة 17 و أحد صانعي الانتصار أن “دير الزور ( عروس الفرات محررة من الغرب إلى الشرق ومن الجنوب إلى الشمال، وقضينا على أكبر تنظيم إرهابي في العالم ” داعش ” بنسبة عاليه جداً”.
يقول اللواء حسن إن “فرحة أطفال دير الزور و نسائها و رجالها في اللحظات الأولى من بدء القوات المتقدمة بكسر الحصار وفك الطوق عن اللواء 137 وفرحة المقاتلين المحاصرين، واتصال القائد العام للجيش والقوات المسلحة رئيس الجمهورية الفريق بشار الأسد معي ومع عدد من القادة مهنئاً بهذا النصر العظيم، كانت هي أجمل لحظات العمر وهي وساماً أضعه على صدري طيلة العمر”.
وشرح اللواء حسن محمد محمد، قائلاً “ما خضناه نحن أفراد وضباط الجيش العربي السوري خلال هذه الحرب التي وصلت نهاياتها بإذن الله، لم ندرس أساليبه و فنونه القتالية في مدارسنا وكلياتنا العسكرية، بل تعلمناه في الميدان وسندرسه لمقاتلينا يوماً ما كمدرسة جديدة في الحروب لا شرقية ولا غربية، لأنها فن جديد من فنون القتال”.
وقال اللواء حسن في ختام حديثه لتلفزيون الخبر إن “الوطن غال ومن لا وطن له لا حياة له، سوريا هي الأم والأخت والحبيبة هي الأرض والعرض لنحافظ عليها جميعاً، هي ليست ملك لطائفة أو قومية هي لكل سوري، هي واحده لا تقبل القسمة أبداً وستبقى عصيه رغم المآسي والخراب والدمار، لأنها أجمل أم في الدنيا”.
اللواء حسن محمد محمد من مواليد قرية عين شقاق بريف جبلة الساحلية 27 – 12 – 1957 م ، انتسب للكلية الحربية وتخرج منها برتبة ملازم أول عام 1979 م اختصاص مدرعات ولديه أربعة أولاد، اثنان منهم ذكور واثنتان إناث .
حيث قال عنهم إنه “سعيد جداً بهم، فجميعهم أتموا دراستهم الجامعية وتعلموا في غيابي وكانوا مثال للشباب السوري الواعي الهادئ الملتزم، لم يشعروا يوماً واحداً أنهم أولاد قائد فرقة أو قائد عسكري عاشوا ببساطة الكادحين ولم تغرهم هذه المناصب” .
عطية العطية – تلفزيون الخبر
Post Views:
0