الاصلاحية | أحوال شخصية |
جملة من العثرات تعترض عمل وزارة الإعلام في سورية، والتي تنعكس ترهلاً في عدد من الأماكن وخاصة على شاشات التلفاز، المفترض أنها تشكل الواجهة الإعلامية الأهم للبلد والأكثر تأثيراً بالجمهور، فما يقدمه التلفزيون الحكومي من برامج ينقصه الكثير، منها المعدات والكوادر المؤهلة والإبداع، وهو الأمر الذي يبرر سببه مدير الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون عماد سارة، أثناء مناقشة موازنة وزارة الإعلام تحت قبة مجلس الشعب مؤخراً، بأن الإبداع يحتاج إلى المال.
ليس الإبداع وحده المشكلة، بل المظهر العام أيضاً، وهو الأمر الذي لا يخفيه المسؤول الكبير في الهيئة، إذ اعترف سارة مؤخراً في تصريح صحفي ضجت به مواقع التواصل الاجتماعي أن إطلالة مذيعات القنوات السورية الحكومية ليست على ما يرام وهي إحدى المشكلات التي تتعثر بها قنواتنا حيث لا تتقاضى تلك المذيعات سوى مبلغ “2000” ليرة سنوياً كبدل لباس بغض النظر عن كم الظهور المقرر لها على الشاشة..
ذلك التصريح أكده في وقت لاحق تصريح ثانٍ على لسان وزير الإعلام السوري المهندس رامز ترجمان أكد فيه أن الوزارة ليست لديها إمكانيات لتأمين لباس المذيعات.
اجتهاد شخصي
جاءت التصريحات الرسمية تلك بمثابة المنقذ للكثير من المذيعات اللواتي يتعرضن بمعظمهم لسيل من الانتقادات بسبب إطلالتهن على الشاشة، ومفاجأة لكل من لايعمل في هذا الوسط الإعلامي، ولعلنا لا نذيع سراً في القول إن ثقافة إطلالة المذيعة نفتقدها في الإعلام السوري، كله، فمشكلة تأمين لباس المذيعات لاينطبق على المقدمات في التلفزيونات الحكومية فقط بل كذلك على مذيعات قناة “سما” الخاصة وإن اختلفت نسبة الرواتب مابين القطاعين، وفي كليهما سيبدو الحل متروكاً بالنهاية لاجتهاد شخصي من كل مذيعة على حدة فإما أن تلبس من خزانتها أو أن تؤمن رعاية أو جهة تقدم ألبستها باجتهاد شخصي منها أو من معدي البرامج التي يقدمنها وهذا ما يحصل في حالات قليلة، وغالباً ما يقتصر ذلك على المذيعات اللواتي يقدمن برامج السهرة والمناسبات، وتلفت المذيعة لودا لقمان “سورية دراما” أن الإدارة في القناة تساعد في تأمين تلك الرعاية في برامج السهرة التي تتطلب لباساً خاصاً وتشكل فريقاً كاملاً للعمل وتأمين رعاية تشمل اللباس، وهذا جزء من اهتمام مديرة القناة رائدة وقاف ولاسيما أنها مذيعة وعلى دراية بتفاصيل الشاشة فهي تهتم بأدق التفاصيل على حد تعبير لقمان وتحاول تأمين الرعاية على الأقل في المناسبات.
رواتب موظفي دولة و”بونات”..
تأمين اللباس ركن أساسي في ظهور المذيعة وأهم شيء بالنسبة لها وفق حديث المذيعة راما العلي، لذا ترى أن غياب تأمينه هو المشكلة الأكبر التي تعانيها المذيعات، ولاسيما في القطاع الحكومي منوهة بأن الالتزام بتأمين اللباس للمذيعات بشكل يتناسب مع عدد إطلالتهن أسبوعياً يعني أن يزيد راتب كل منهن في الشهر على 100 ألف ليرة سورية وهذا ما لا يمكن تحقيقه مع الرواتب التي يتقاضونها كموظفي دولة حالهم حال أي موظف في مختلف القطاعات.
وتؤكد المذيعة لودا لقمان أن الرواتب غير كافية لتغطية تكاليف اللباس مقارنة بعدد مرات الظهور التي تختلف من برنامج لآخر، مشيرة إلى أن نمط البرامج يلعب دوره أيضاً في اختيار اللباس المناسب.
ويرى عدد من المذيعات في التلفزيون أن هذا الحال ينسحب على كافة العاملين في قطاع الإعلام بالبلد وهو أمر غير خفي على أحد فهو من أكثر القطاعات التي تتطلب جهداً وأقلها مردوداً مادياً مقارنة بتعبها والجميع يسمونها “مهنة المتاعب”، ولكن الحال يصبح شديد البؤس مع عدد من المذيعات اللواتي يعملن بنظام “البونات” وتتقاضى كل منهن بموجبه أجراً للحلقة من برنامجها ما بين “3000– 5000” ليرة سورية، هذا المبلغ الذي لا يسمن ولا يغني من جوع فما بالك بتأمين اللباس، علماً أن عدداً من تلك المذيعات يظهر ببرامج سهرة أسبوعية!
“كوبونات”..
المبلغ الذي تتقاضاه المذيعة السورية سنوياً بدل لباس هو “2000” ليرة سورية فقط وهذا ما أكدته المذيعات، وعلمت “الأيام” أن كل مذيعة حصلت هذا العام على “كوبون” لانتقاء ملابس لظهورها على الشاشة بمبلغ “65” ألف ليرة، أمنت بشق النفس، ولكن تلك البطاقة لا تكفي سوى لعدد قليل جداً من قطع الملابس، وتوزعت على كافة المذيعات في قناة سورية دراما، والفضائية، والإخبارية واللواتي يقارب عددهن 40 مذيعة في القناة الواحدة.
رائدة وقاف: انتقاء الأفضل
مديرة قناة سورية دراما رائدة وقاف قالت لـ”الأيام”: مبلغ الـ2000 ليرة كبدل سنوي للملابس ليس أمراً جديداً فهذا الحال من السابق ولكن الوضع الاقتصادي في البلد اختلف بشكل كبير وموجة ارتفاع كبيرة طالت أسعار الملابس ما جعل المشكلة تتفاقم، منوهة بأن هناك سعي ومحاولات فردية في قناة “سورية دراما” لتأمين لباس للمذيعات في المناسبات، حيث يتم التعاون مثلاً مع مصمم يؤمن اللباس في سهرة رأس السنة مقابل وضع اسمه على الشارة والأمر يتطلب في هذه الحالات “المقابل الإعلاني” مرونة وانفتاح والابتعاد عن القيود التي قد تفرضها مؤسسة الإعلان، كما أن القناة بحالة بحث دائمة عن تشاركية مع القطاع الخاص لتمويل بعض من برامجها وقد نجحت في عدد من الحالات.
وترى وقاف أن المشكلة أيضاً تتجلى في العدد الكبير للمذيعات اللواتي يعملن كموظفات، بينما المذيعات النجمات عددهن قليل جداً قد لايتجاوز “6– 7″، وهنا يجب العمل على تحويل كل مذيعة ليست قادرة على الاجتهاد وتقديم المهم والمختلف إلى مجال الإعداد، واختيار الأفضل منهن للبقاء على الشاشة، وتأمين مصدر دائم للباسهن، كما رأت وقاف أن ظهور المذيعات أيضاً بحاجة للبساطة والأناقة بعيداً عن الزركشات غير المناسبة للتلفزيون ما يدفعهم لتوجيه الملاحظات لهن والاعتراض على طريقة ظهورهن أحياناً.
إطلالة متكاملة..
تضم الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون فريقاً للمكياج والشعر موجوداً على الدوام بشكل متناوب، هذا ما يضمن جزءاً من إطلالة المذيعة على الشاشة، ولكن تبقى أمنياتهن بتأمين الرعاية لملابسهن لإزاحة حمل كبير عن كاهلهن ولاسيما مع المسؤولية الكبيرة التي يحملنها تجاه المشاهد الذي على استعداد تام لانتقاد طريقة ظهورهن، وهذا ما يتعرضن له بكثرة وفق تعبيرهن، من دون أي إدراك بأن تلك المذيعة موظفة تعاني ارتفاع الأسعار ولديها عائلة ومصاريف كحال سائر الموظفين!.
صحيفة الأيام
Post Views:
0