منصة التحكيم | ناظم عيد |
بضع ثوانٍ ليس إلّا من الاجتهاد وبإصبع واحدة ربما على لوحة مفاتيح جهاز موبايل ذكي ، تتكفل بمنح صاحبها جواز العبور إلى عالم الصحافة التفاعلية …شهادة افتراضيّة في الإعلام بمنشأ تكنولوجي بغيض ، تعوم بصاحبها في فضاء مزدحم ، دون أن يتكبّد عناء الولوج إلى تلك الكليّة ” الإعلام” الشاخطة بيأس بمحازاة منتصف اوتوستراد المزة بدمشق ، كشرطي أخلاقيات مهنية غير مرغوب فيه ، يمد له المخالفون ألسنتهم سخرية ، وهم في طريق الذهاب والإياب ، أو كبائع تقليدي التقط إشارات قادمة من كلّ حدب وصوب ، تشعره بأن أدبيات السوق تؤكد أن النقود الرديئة تطرد الأخرى الجيدة في مضمار اللاتكافؤ، وهنا لا دفاتر قديمة يعود إليها ولاهم يحزنزن..إنها تماماً حافّة الإفلاس المحتم لتاجر باغتته المستجدات ، فوجد نفسه فجأة يبيع مايوهات السباحة على شواطئ افغانستان .
الواقع أنه بات من بالغ الصعوبة ، توخّي الرصانة – دون سخرية – لدى المقاربة الكئيبة لواقع الإعلام في بلد أخذ منه الشغف بالفيسبوك مأخذاً مؤلماً ، وباتت الحرفية والاحترافية مرتهنة لعدد “اللايكات” التي يحصدها من يستيقظ أولاً ، قبل ازدحام الاستخدام و المستخدمين ، حسابات اللون الأزرق تحولت إلى “حائط مبكى” ، ومنابر شكوى وتشكّي ، وأخرى للمدح والردح ، ومستخدمون أوقعوا الجميع في مستنقعات الانصياع لغواية الخوف ممن لم يتركوا لـ “السرّ مطرح” ، فالنمّامون مهابون في المجتمعات التي أبادت بالتقادم كل معايير صد الافتراء .
هل دخلنا فعلاً في مرحلة الانهيار الإعلامي الأكاديمي ، وبات علينا الاستسلام أمام زحف “الجراد الالكتروني” الذي يحوم بكثافة حول نوافذ مخادع الخصوصية المفرطة ، في هذا المجتمع المكشوف بلا ستر يغطي عوراته الكثيرة..؟؟
هل سقطت كل أدوات الميديا التقليدية أمام زحام مفردة “البوست” التي لايجيد ترجمتها الآلاف من مستخدميها في هذا البلد ولاماذا يعني الفيسبوك أساساً ، وقد سمعنا بعضهم – وهو ناشط نشط – يسمي الانترنيت ” أترنيت” أو أترنيك ..الكلمة ذاتها التي يخاطب بها بائع الصوبيات في بداية موسم الشتاء..إلّا أنه غدا “إعلامي” مُهاب الجانب ومرموق ، تُشرع أمامه أبواب المتوجسين من الفضائح ..!!؟؟
في قوانيننا وسوانا ما يتعلق بعقوبات جزائية على جرائم النشر ، تضع الصحفي أمام احتمالات المساءلة على خطأ أو ارتكاب عن قصد أو عمد ..وعلمنا أنه بات لدينا نصوص زاجرة للجنح الالكترونية ..لماذا الإعلان عنها بخجل وخوف ..ولماذا لاتعمم على كل من لم يسمع بهابعد ؟؟ ..
هل مازال “القانون لا يحمي المغفلين” في العرف الالكتروني الجديد ، أم أن الوقت لم يحن بعد لكشف الغطاء عن المفاجآت الصادمة لـ”الإعلاميين” الذين انتحلو هذا اللقب الناعم ، الذي لم يعرفوا بعد شيئاً عن مرارته ، ومسؤلياته الثقيلة التي أثقل علينا بها أساتذتنا يوماً بما أبدوه من ملكات التلقين والتحذير والنصح.
هل سنترك إعلام الفيسبوك متفلّت تماماً من أي ضابط مهني أو أخلاقي أو مهني..تماماً كما مناطق العشوائيات السكنية ، حيث لاقانون ولاناظم ولارادع يسري عليها..ويبقى الإعلام الممأسس كمناطق التنظيم العمراني حيث القانون قانون وأكثر..؟
أخيراً ولمن لايعلم ..باتت مناطق السكن العشوائي حول المدن الرئيسة في سورية أوسع نطاقاً وأكبر من المناطق التنظيمية وباتت أمراً واقعاً..فاحذروا من واقع أمر الإعلام العشوائي ..الذي أغلب الظن أنه سيلتهمنا ونحن نصفق نصفق احتفاء به.
عن “الخبير السوري” | الاصلاحية | صار وقتا..
Post Views:
0