فهد كنجو | منصة التحكيم |
وفقاً للخبر الرسمي الصادر عن رئاسة مجلس الوزراء عقب جلسته الاسبوعية أمس الثلاثاء فإن المجلس كلف وزارة الإعلام بوضع “إستراتيجية” إعلامية للمرحلة المقبلة تنقل حقيقة الحياة العامة في سورية بعد الانتصارات التي تحققت، والتحلي بالطرح الموضوعي الشفاف الذي يجمع الآراء المختلفة تحت سقف البناء الوطني، وبما يمكن الإعلام من ممارسة دوره الوطني والتنموي وتعزيز التواصل مع الوسائل الإعلامية في الدول الصديقة.
طبعاً الخبر الحقيقي هو أن عماد سارة الوزير الجديد سجل أول ظهور له على طاولة رئاسة مجلس الوزراء، وكان تسلم حقيبة الإعلام قبل 24 ساعة من انعقاد الجلسة، إذاً لا بد من إشارة إلى قطاع الإعلام ولو بكلام سمعه وقرأه المتلقي مراراً وتكراراً عبر متوالية الحديث الحكومي عن تطوير الاعلام الرسمي وتحديث الخطاب الإعلامي، طبعاً من بوابة الاستراتيجية الاعلامية الجديدة هذه المرة !!.
“سارة” لم يكن بعيداً عن تلك المحاولات التطورية “الإصلاحية” إن صح التعبير خلال نحو سنة ونصف من عمر حكومة “خميس”، ويمكن القول أنه كان أحد أطرافها أو ربما أدواتها، فالرجل ومنذ تشكيل الحكومة صيف العام 2016 الأسبق، تسلم دفة إدارة المرأي والمسموع (الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون) في وزارة الإعلام ، وقاد صدامات أو على الأقل هكذا بدا الأمر، بدأت مع تطبيق نظام البصمة لملاحقة فلول المتسربين من “الهيئة” على هيئة بطالة مقنعة، ما أحدث ضغطاً بشرياً داخل “المكعب الأزرق” تحول إلى شبه احتجاج من بعض العاملين الذين نفذوا وقفه استدعت تدخلاً سريعاً ومباشراً من رئيس الوزراء عماد خميس خريف العام 2016 الأسبق، تمثلت بلقائهم والحديث إليهم خلال جولة له على مؤسسات الإعلام الرسمي انتهت في وزارة الإعلام.
الضغط البشري كان لفت انتباهة المعنيين في عملية “الإصلاح الإعلامي” آنذاك إلى الفوائض البشرية التي تراكمت عبر سنوات في ردهات الهيئة العامة، فأوقد “سارة” النار على ما اصطلح تسميته (طبخة الفائض الإعلامي)، عملية شابها الكثير من الأخذ والرد، مرة أخرى تدخل “خميس” واجتمع مع عدد من المحتجين على قوائم “الفائض”، أحيل الأمر إلى وزارة التنمية الإدارية، كثرة الطباخين يبدو أنها أحرقت الطبخة، صدرت قوائم لنقل “الفائضين” ولم تنفذ، فكانت أشبه بـ “طبخة بحص” إلى اليوم لم تنضج !!.
كل ذلك إضافة طول فترة البث التجريبي للإخبارية السورية إبان إدارته لها، ثم مدى أحقيته باستلام منصب مدير عام للهيئة على اعتبار أنه لم يكن موظفاً حكومياً مثبتاً، جعل من “سارة” محط جدل واسع النطاق، وصار واحد من أكثر الشخصيات الجدلية في الوسط الإعلامي وخاصة الرسمي، قلة هم من يصوروه على أنه رجل جيد وناجح ومهني، وكثر من ينتقدوه صراحة وفي الخفاء، ظهر ذلك جلياً عندما صدر قرار إعفاءه من منصب مدير عام الهيئة منذ أقل من شهرين، ضجت صفحات الفيسبوك والمواقع الإعلامية، كثيرون لم يستطيعو إخفاء فرحتهم بذلك القرار، فيما صمت محبيه على قلتهم، ساعات ويطوى قرار الإعفاء، وابتلع كثر ممن غردوا فرحاً منشوراتهم على فيسبوك، كما ابتلع “ترجمان” قرار الإعفاء بطيه، كل ذلك كرس أكثر فأكثر شخصية “سارة” الجدلية” في الأذهان، وكانت تلك الحادثة بمثابة مؤشر على اقتراب التعديل الوزاري الذي سيطيح بـ”ترجمان” ويأتي بـ”سارة”، صدقت التنبؤات، ليخلف سارة “ترجمان” في مناسبتين متتاليتين (الأولى في الهيئة والثانية في الوزارة) !!.
وبالعودة إلى جلسة الأمس وما رشح عنها من تكليف “عماد” مجلس الوزراء لـ “عماد الإعلام” بوضع استراتيجية إعلامية للمرحلة القادمة، بدا كما لو أن الحكومة لم يكن لها بيان وزاري في نشأتها الأولى أو على الأقل لم يكن من ضمن مفردات ذلك البيان ما يتعلق بالإعلام !!
وعليه يتضح أن البدايات الصفرية لازالت حاضرة، والخبر الرسمي نفسه على الأقل طريقة عرضه بتلك الصيغة يؤكد أن الخطاب الإعلامي الحكومي قدره أن يراوح مكانه، انتظرنا أن يكون “الخبر” يشي بأن الوزير الجديد استعرض خطته الإعلامية بما يتناسب مع بيان الحكومة “إعلامياً”، على اعتبار أنه وزير جديد لديه خطة ما لإصلاح الملفات المعطلة في حقيبة الإعلام !!، هذا ما لم يحدث!!.
عموماً الشخصيات الجدلية تفتح الشهية على الكتابة، وما قد يحدث هو أن الطبيعة الجدلية لعماد سارة ربما تحمل بعض “الأكشن” داخل البيت الإعلامي الرسمي، قد نشهد وجوهاً جديدة على رأس المؤسسات الإعلامية، ولا ضير من وجود شخصية جدلية و”إعلامية” بالوقت نفسه على طاولة مجلس الوزراء، ذلك ربما يضفي على جلسة الثلاثاء بعضاً من الحيوية !!.
الإصلاحية | صار وقتا..