الاصلاحية | آثار جانبية |
كتب خضر خضور ورقة بعنوان “ماذا بقي للنازحين السوريين” نشرها مركز كارنيغي بتاريخ 18 كانون الثاني/يناير 2018، تحدث فيها عن احتمال عودة اللاجئين إلى محافظتي الرقة ودير الزور. ورأى أنه على الرغم من الانتكاسات الكبيرة التي تكبدها تنظيم “داعش” في شرق سورية، فإن هذا وحده لن ييسر عودة اللاجئين على نطاق واسع بسبب فقدان المحافظتين موقعهما كمراكز اقتصادية، وتنافس الجهات الفاعلة للسيطرة عليهما. وقد أدى تصاعد التوترات الكردية-العربية وازدياد أساليب الفحص الأمني التي تنفذها القوات المدعومة من التحالف الدولي إلى زيادة عدم الاستقرار وعدم القدرة على استشراف مستقبل المنطقة. وهذا يقلل من احتمال العودة.
وفيما يلي عرض لأهم الأفكار التي جاءت في الورقة:
مستقبل سورية
-إن هزيمة تنظيم “داعش” في محافظتي الرقة ودير الزور لن تؤدي وحدها إلى عودة اللاجئين على نطاق واسع.
-من غير المحتمل إعادة تأسيس الروابط الاقتصادية بين الرقة ودير الزور وبقية المحافظات المجاورة في المستقبل المنظور.
-بسبب النزاع، قامت الجماعات المسلحة بفرض قيادات محلية جديدة، مما جعل هؤلاء القادة أقل تمثيلاً، وبالتالي أقل التزاماً بعودة اللاجئين.
-أصبحت آليات التدقيق التعسفي للاجئين العائدين من قِبَل “قوات سوريا الديمقراطية” عرضة للانتهاك، ما يخلق مخاوف من عمليات القتل الانتقامية.
-أدت الشكوك العربية للأهداف الكردية في شرق سورية إلى زيادة التوترات الطائفية، ما يقوض التماسك المجتمعي الضروري للعودة.
التوصيات والاستنتاجات
-شرق سورية هو نطاق حيوي بالنسبة للدولة السورية. وبالمقابل، من الأهمية بالنسبة لـ “قوات سوريا الديمقراطية” التي يقودها الأكراد تأمين الشرعية السياسية في تسوية ما بعد الحرب. وهذا هو السبب في أن هزيمة تنظيم “داعش” قد يعقبها صراع بين الاثنين، الأمر الذي يعيق عودة اللاجئين.
-لا ينبغي معالجة التسوية السياسية السورية بعيداً عن أزمة اللاجئين، لأن التسوية بدون عودة اللاجئين ستعيق إعادة الإعمار من خلال إبعاد اليد العاملة اللازمة والجهات الفاعلة في المجتمع المدني. وكذلك العودة بدون تسوية قد تؤدي إلى نزاعات محلية بين القيادات التقليدية وتلك الناشئة خلال الحرب.
-ولكي تكون عودة اللاجئين ناجحة، يجب أن تكون جزءاً لا يتجزأ من تسوية سياسية أوسع نطاقاً تهدف إلى أن تستعيد الرقة ودير الزور أدوارهما التقليدية في النظام الإقليمي لسورية، وإشراك المهنيين والمجتمع المدني، وتعزيز التماسك الاجتماعي.
-في المناطق التي أخذتها “قوات سوريا الديمقراطية”، هناك حل وسط ينطوي على دعم إنشاء هيئات الحكم المحلي التي أقامتها تحت مظلة الدولة السورية، مع منع نفوذ الشخصيات الأمنية لـ “النظام” أو الكوادر ذات الخلفية في حزب العمال الكردستاني على هذه الهيئات. وهذا من شأنه أن يساعد المحافظات على استئناف دورها في النظام الإقليمي لسورية، وتشجيع عودة التكنوقراط، والحفاظ على التوازن بين الدولة السورية وحزب العمال الكردستاني.
وتساءل الكاتب في ختام ورقته عما إذا كان هناك معركة جديدة تلوح في الأفق. فهزيمة “داعش” لن تمهد الطريق تلقائياً لعودة اللاجئين إلى شرق سورية. أما في المناطق التي يتحقق فيها الاستقرار ويتم فيها تشجيع اللاجئين على العودة إلى ديارهم، ستكون للأطراف التي تتحكم في الأمن مصلحة في تنفيذ نظام إعادة الإدماج الذي يضمن سلطتها وينهي أي معارضة محتملة بين السكان.
نوّه الكاتب أيضاً إلى أن “قوات سوريا الديمقراطية” والدولة السورية على مسار تصادمي في شرق سورية، حيث يعتبر كل جانب بأن وجوده مهم استراتيجياً. فالهدف الأساسي للدولة السورية هو إعادة ربط محافظتي دير الزور وحلب عبر الرقة والتي هي نقطة الاتصال بينهما. أما بالنسبة لـ “قوات سوريا الديمقراطية”، فإن البقاء شرق سورية لا يقل أھمیة عن سعيها لتحويل مكاسبها الإقليمية إلى شرعية سياسية وعلاقات دائمة مع الولایات المتحدة.
ومن غير المتوقع عودة اللاجئين على نطاق واسع في ظل تزايد التوترات بين الدولة السورية و”قوات سوريا الديمقراطية”. وسيخشى الكثيرون من الهجمات الانتقامية وعدم الاستقرار حيث تتنافس الجهات الفاعلة المحلية على النفوذ. إن دمار الرقة ودير الزور، والشكوك التي تولدها التوترات الكردية-العربية سيزيد من إرباك هذا المشهد. ولذلك فإن أي حل يسعى إلى ضمان عودة اللاجئين يجب أن يهدف إلى معالجة هذه العوامل.
وأحد الخيارات التي طرحها الكاتب لمعالجة هذه الحالة يمكن أن يتضمن مقترحاً مختلطاً. ومن شأن ذلك أن يضع مؤسسات تابعة لـ “قوات سوريا الديمقراطية” تحت مظلة الدولة السورية، مع إبقاء كادر حزب العمال الكردستاني وموظفي الأمن في الدولة بعيداً عن هيئات الحكم في المناطق التي تمت استعادتها من “داعش”.
وبالتالي، فإن أي سياسة ناجعة للعودة إلى شرق سورية يجب أن تكون جزءاً لا يتجزأ من إطار التسوية السياسية الأوسع نطاقاً في البلاد، والعمل على إدماج موظفي الخدمة المدنية والمعلمين والمهنيين الذين غادروا تلك المدن في عملية إعادة الإعمار، وخلق الشبكات الاجتماعية الجديدة التي تشجع الناس على العودة. واليوم، يبدو أن هذا المسار يصعب تصوره، حيث أن النتائج السياسية في شرق سورية لا تزال غير واضحة بسبب جداول الأعمال المعقدة. وهذا ما سيؤثر على احتمالات عودة اللاجئين. أما بالنسبة للعديد من اللاجئين والمشردين داخلياً، فإن عدم الاستقرار والعنف هو ما جعلهم يغادرون في المقام الأول. ولذلك، فإن الاستقرار الحقيقي فقط هو الذي سيضمن لهم العودة.
مركز مداد
Post Views:
0