الإصلاحية |
تعمل واشنطن وباريس على استباق أية خطوات عسكرية ينوي الجيش السوري إطلاقها في غوطة دمشق الشرقية، وذلك في وقت برز فيه تصريح لافت للمندوبة الأميركية إلى مجلس الأمن
فاصل سياسي | مع الهدوء النسبي الذي يسود جبهات ريفَي إدلب وحلب، ضمن إطار مخرجات اتفاق «خفض التصعيد» في أستانا، والترقب لنقل الثقل العسكري للجيش السوري نحو جبهات غوطة دمشق، تستبق الأطراف الدولية أية عمليات مرتقبة هناك، عبر جولة ضغط جديدة في مجلس الأمن الدولي، ومن خلال التهديدات المتكررة.
وبعد وعيد أميركي وفرنسي جديد بعقاب الحكومة السورية، في حال وجود أدلة على تنفيذها هجمات كيميائية، وضعت الدول الداعمة للمعارضة ثقلها في مجلس الأمن، في محاولة لإقرار وقف لإطلاق النار في سوريا.
الدعوة استندت إلى مطالبات سابقة من قبل الأمم المتحدة بإعلان مثل هذا الوقف، في وقت جدد فيه المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا، أمس، الطلب من أعضاء مجلس الأمن، دعم تهدئة على الأرض، خلال الجلسة التي خصصت لنقاش الوضع السوري، وآخر معطيات مسارَي الاجتماعات التي جرت في فيينا وجنيف وسوتشي.
وقدم دي ميستورا، خلال الجلسة، ثلاثة مطالب من الأعضاء، وهي «العمل بنحو ملحّ لضمان تهدئة في سوريا، وتقديم دعم قوي لعملية جنيف السياسية الرامية إلى إيجاد حل سلمي للأزمة، والمساندة في تنفيذ القرار رقم 2254».
ولفت إلى أن المرحلة الحالية في سوريا خطيرة ومقلقة جداً، باعتبار أن «ما يجري حالياً يقوض الجهود المبذولة للوصول إلى حل سياسي للأزمة»، مشيراً إلى المعارك التي شهدها ريفا إدلب وحماة، وغوطة دمشق، والقذائف التي طاولت أحياء العاصمة دمشق، إلى جانب ملابسات إسقاط الطائرة الإسرائيلية.
أما المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة نيكي هايلي، فقد رأت أن «النظام السوري لا يريد السلام إلا وفق شروطه»، مشيرة إلى «عدم إمكانية تعزيز السلام، مع تجاهل واقع داعمي الإرهاب في المنطقة كإيران وحزب الله اللذين يسعيان إلى البقاء في سوريا». وبينما أشارت إلى دعم بلادها لمطالب المبعوث الأممي، أكدت هايلي أن قوات بلادها «تحتفظ لنفسها بحق الرد في الدفاع عن نفسها في سوريا».
بدوره، حذر المندوب الفرنسي فرانسوا ديلاتر، «مخاطر هائلة لتوسع الصراع الجاري في سوريا، وخروجه عن نطاق السيطرة»، مضيفاً أن لدى بلاده «مشروع قرار» تسعى إلى اعتماده في المجلس، وأنها تدعو إلى وقف فوري للقتال في سوريا. وعلى الجانب الآخر، أعرب ممثل سوريا بشار الجعفري، عن أسفه لعدم تطرق دي ميستورا في الإحاطة التي قدمها إلى وجود قوات احتلال أميركي وتركي في سوريا. وأشاد بالدور الروسي عبر مسار سوتشي، الذي أكد أن «العملية السياسية لا يمكن أن تبدأ أو تستمر إلا بقيادة سورية»، على حد قوله. وجدد التشديد في شأن تشكيل اللجنة الدستورية، على أن دمشق غير معنية بأي «لجنة خارجية». وهو موقف أكده المندوب الروسي فاسيلي نيبينزيا، في كلمته، بقوله إن جميع القرارات الخاصة بسوريا، يجب أن يتخذها السوريون من دون أي تدخل.
وفي موازاة ما جرى في مجلس الأمن، التقى وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون، في الأردن، وفداً من أعضاء «هيئة التفاوض» المعارضة. ولفتت مصادر «الهيئة» إلى وجود توافق بين الطرفين حول «القضايا الأساسية». وشدد رئيس وفدها نصر الحريري، على «ضرورة اتخاذ موقف دولي حازم تجاه الاستخدام المتكرر للسلاح الكيماوي من قبل النظام، وعلى ضرورة وضع حد للنفوذ الإيراني المتنامي في الساحة السورية».
وأشار بيان «الهيئة» إلى أن تيلرسون أوضح خلال اللقاء أن بلاده «تعمل بالتعاون مع روسيا بشكل جدي على إجراءات بناء الثقة، والمتمثلة بتحريك ملف المعتقلين، وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى المناطق المحاصرة». وتقاطع كلام الحريري مع المطالب التي أعلنها تيلرسون أمس، خلال مؤتمر صحافي مع نظيره الأردني أيمن الصفدي، في العاصمة الأردنية عمان، بـ«سحب إيران قواتها من سوريا… وفتح المجال أمام تعزيز عملية السلام في جنيف». وجاء الرد الإيراني على التصريحات، سريعاً، على لسان مستشار المرشد الأعلى، علي أكبر ولايتي، الذي جدد التشديد على أن وجود قوات بلاده هناك جاء بعد دعوة من الحكومة، مضيفاً أن «من يجب أن يغادروا هم من دخلوا دون إذن من الحكومة الشرعية».
أمّا دمشق، فكثّفت من نشاط مسؤوليها في وجه الضغط الغربي، إذ عقدت وزارة الخارجية مؤتمرين صحافيين خلال يومين متتاليين. وأكد نائب وزير الخارجية فيصل المقداد، أن الأخبار «المضللة» التي تنشرها واشنطن حول استخدام القوات السورية أسلحة كيميائية، تعكس «انزعاجها من الإنجازات التي تحققت» على الأرض. وبينما أكد عدم امتلاك بلاده مثل تلك الأسلحة، شدد على «غياب أي دلائل على استخدامها من قبل الجيش السوري». وكشف أن فريقاً من منظمة حظر الأسلحة الكيميائية زار دمشق خلال اليومين الماضيين وزار عدداً من المواقع في محافظة حمص، حيث عُثر سابقاً على مخزون مواد كيميائية، في مناطق كانت تخضع لسيطرة الفصائل المسلحة.
وبدا لافتاً في ضوء ما سبق تكثيف موسكو اتصالاتها مع الدول المعنية بالملف السوري، إذ أعلن الكرملين أن الرئيس فلاديمير بوتين بحث مع الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، تطورات الأوضاع في سوريا من بين جملة ملفات أخرى. وجاء ذلك بعد يوم واحد من اتصال جمع الملك السعودي بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان. كما قال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، إن بوتين سيجري محادثات اليوم، مع الملك الأردني عبد الله الثاني.
وفي الشمال السوري، استمرت المعارك في منطقة عفرين، في ظل تركيز القوات التركية والفصائل العاملة معها على محور ناحية جنديرس، في الجنوب الغربي.
وأشارت وسائل الإعلام التركية إلى أن القوات باتت على مشارف مركز الناحية، وأنها تستعد لدخولها.
وجنوباً في إدلب، دخل رتل عسكري تركي برفقة مسلحين من «هيئة تحرير الشام» إلى مدينة معرّة النعمان ومحيطها في الريف الجنوبي، في ما قالت مصادر معارضة إنه مهمة استطلاعية. ووفق المعلومات، يخطط الجانب التركي لإنشاء نقطة مراقبة في الريف الشرقي لمعرّة النعمان.
المصدر: جريدة الأخبار