الاصلاحية | خاص |
إذا يريد رئيس مجلس الوزراء المهندس عماد خميس من مديري شركات ومؤسسات القطاع العام الصناعي أن يتحولوا من مجرد موظفين إلى قادة حقيقيين، الرجل يريد أن يحدث ثورة إدارية في القطاع العام، لكن السؤال هل يمتلك المهندس “خميس” أدوات الثورة الادارية، لأجل هذا انشئت وزارة التنمية الادارية، لكن لا تبدو أداة مناسبة في ظل واقع إداري معقد لجهة التعيين والاعفاء!.
فهد كنجو | ليست المرة الأولى التي يطلب فيها خميس من المديرين العامين أن يرتقو لمرتبة قادة، وأن ينفضوا عقولهم، حدث ذلك في مناسبة سابقة واحدة على الأقل عندما حشر مائات المديرين العامين ومعاونيهم من مختلف المشارب الادارية ليوحد الخطاب، على مبدأ “كلو عند الحكومة صابون” جلس أغلبهم كموظفين لا يجيدون سوا الإيماءات الساذجة بأن يستمعون لما يقول، سبق أيضاً وطلب من المديرين غير القادرين على مواكبة التطورات في الأداء والعمل أن يفسحوا المجال لغيرهم، طبعاً رئيس الوزراء بهذه التصريحات النارية هو يمارس دور “قيادي”، ويبادر حيث انكفأ الوزراء عن المبادرة، الوزراء أغلبهم لا يجيد دور القيادة ومعظمهم يفكر بعقلية الموظف، كيف لهم أن يبادروا ويكونوا قدوة للمديرين؟!.
ماذا لو تصرف مدير عام في إحدى المؤسسات الصناعية كقائد إداري ونسي أنه موظف وأن ترشيحات حزبية وتزكيات من هنا ومن هناك هي من أتت به ليجلس على كرسي المدير العام؟!، ماذا لو فعلا قرر أن يستثني نفسه ومؤسسته من قوانين بالية ليطور العمل ويزيد الانتاج تماماً كا يريد رئيس مجلس الوزراء؟!.
دعونا نتكلم بلسان حال مدير عام شركة صناعية عامة قرر أن يأخذ كلام رئيس الحكومة على محمل الجد ونزع عنه معطف الموظف و”تول القيادة”:
المشهد الأول: لدي عمالة فائضة عن حاجة المؤسسة وتكلفني رواتب ضخمة ماذا أفعل؟!، سأصدر قرار بتسريح تلك العمالة غداً صباحاً، لكن بالوقت نفسه لدي نقص في بعض التخصصات الهندسية والمهنية وهي موجودة بكثرة، هل أعيد تأهيل ما لدي من عمالة لسد النقص في تلك التخصصات؟! كم سيكلفني ذلك من الوقت والمال؟!، يجب أن أدرس الأمر جيداً مع مجلس إدارتي.
بعد الاجتماع مع مجلس تبين أن مسألة إعادة التأهيل غير مجدية، كثير من العمالة الفائضة تعمل أعمال إدارية، لن يقبلوا أن يتدربو على أعمال مهنية، إذا القرار سيكون بتسريح الفائض من الاداريين غير القابلين للتأهيل، وسنطلب التخصصات المطلوبة..
السؤال: هل يمكن ذلك؟!
المشهد الثاني: نحتاج إلى مادة أولية وهي غير متوفرة في السوق المحلية، تأخرنا بالانتاج بسبب الورقيات والمراسلات مع مؤسسة التجارة الخارجية، ذلك سبب خسائر للمؤسسة، علينا أن نتصرف بطريقة أخرى، هل يمكن أن نستوردها بأنفسنا؟، كان قرار مجلس الادارة بأن نستوردها من خلال القطاع الخاص لقد منحنا سعراً أفضل بكثير من السعر الذي كنا ندفعه لمؤسسة التجارة الخارجية، وبوقت أقل، سنكرر الأمر في كل مرة احتجنا أن نستورد أي مادة ضرورية..
السؤال: من يحمي المدير العام من المساءلة، خاصة أنه لم ينتظر موافقة اللجنة الاقتصادية؟!.
المشهد الثالث: لقد اتصلت ببعض المديرين ورؤساء الأقسام، لم اجدهم في مكاتبهم، علمت أنهم في اجتماع الفرقة الحزبية، ساصدر قراراً بأن يكون ذلك خارج أوقات العمل..
المشهد الرابع: أحد المعامل التابعة لمؤسستنا بجانبه 1000 دونم من الأرض نملكها وهي خالية وتحولت إلى مكب قمامة، أخبرني أحد الفلاحين أنها صالحة للزراعة، ويمكن أن نطرحها للاستثمار الزراعي، علمت أن سعر استثمار الدونم وصل إلى 5000 ل.س، جيد يعني أنها ستحقق لنا سنوياً 5 مليون ليرة سورية.
المشهد الخامس: اسطول نقل العاملين متهالك وليس لدينا إمكانيات لاستبداله، ويكلفنا مبالغ طائلة في الإصلاح، كلفت مدير الشؤون الادارية والاليات بدراسة إمكانية الاستغناء عنه والتعاقد مع قطاع خاص لنقل العاملين، نعم لقد تبين أن ذلك أوفر بكثير، سنتخلص من اسطول النقل ونبيعه في مزاد، ذلك سيوفر لنا بعض السيولة نستثمرها في مكان آخر.
المشهد السادس والأخير: لقد حققنا أرباحاً عالية لهذه السنة كل ما فعلناه كان صائباً، رواتب عمالنا قليلة وهم يعملون بجهد، لقد تراخوا بالفترة الاخيرة وكثرت شكواهم، سنقيم حفلاً سنوياً، ونوزع مكافآت مجزية، وسنزف لهم خلال الحفل خبر زيادة رواتبهم بناءاً على زيادة أرباح الشركة.
طبعاً هناك مشاهد كثيرة يمكن أن نضيفها.. وخاصة أن المدير العام كان أغلق هاتفه ولم يرد على كثير من الاتصالات التي قد تفسد عمله، وأغلق باب مكتبه بوجه أعضاء مجلس الشعب ومعقبي المعاملات، وكثرت عليه تقارير الرقابة المالية والهيئة المركزية للرقابة والتفتيش، هو لم يزر الوزير منذ سنة تقريباً بعد أن حدث شجار بينهما على أثر إقالة أحد المديرين لديه المحسوب على الوزير!.
ونترك لكم أن تتخيلوا مصير هذا المدير “القائد”..
الاصلاحية | صار وقتا..
Post Views:
0