الاصلاحية | منصة النحكيم |
هل “تتنكر” مؤسسات الدولة لأبنائها الذين ظلوا مؤمنين بها، وعملوا لأجلها طيلة سنوات الحرب؟.
زياد غصن | سؤال تبدو إجابته مؤرقة لكثير من العاملين، وعلى اختلاف مهامهم ومستوياتهم الوظيفية، فهناك “عيون” كثيرة تنظر اليوم إلى سنوات الحرب بمنظار مختلف تماماً عن ذلك الذي فرضته يوميات الحرب على العاملين والإدارات العامة معاً..
فما الذي يمنع غداً أي حكومة من محاسبة أي عامل اضطر تحت ضغط العقوبات والتهديد الأمني إلى مخالفة تعميم هنا أو قرار هناك، فالقوانين والأنظمة التي كانت تطبق في “زمن الاسترخاء”، لا تزال سارية المفعول… لا بل ويجري حالياً التشديد على التقيد بحذافيرها !!.
بالمنطق…
لا يحق لأحد، مهما عل شأنه ومكانته، أن يحاسب الآخرين على ما فعلوه خلال سنوات الحرب القاسية، طالما أنه لم يعيش لحظات الخوف من القنص والطعن والخطف، وهو ذاهب ليلاً إلى خلف مكتبه أو آلته في هذه المؤسسة العامة أو تلك الشركة..
لا يحق لأحد، مهما عل شأنه ومكانته، أن يتحدث اليوم عن القيم والأخلاق والحرص على المال العام في سنوات الحرب، طالما أنه لم يخاطر بحياته كي يقوم بواجبه تجاه مؤسسته ووطنه في هذه المحنة..
كثير من أبناء الدولة عملوا بصمت.. خطفوا بصمت… جرحوا بصمت.. وفقدوا حياتهم بصمت…
قد يرد البعض على ذلك بالقول: لولا “لقمة العيش” لما وجدت عاملاً خلف مكتبه في العام 2012، ولما ذهب عامل إلى معمله في العام 2013، ولما خاطرت معلمة لتكون مع تلاميذها في المدرسة عام 2014..!!
لكن في تلك الفترة توفرت فرص كثيرة لـ”لقمة العيش”، فكان يمكن لأي شخص أن يشكل مجموعة مسلحة ويحظى براتب مجز، أو يتحول إلى شاهد عيان تستعين به الفضائيات العربية والغربية، أو يتحول إلى “تاجر أزمة” على قد حاله وعلاقاته…أو على أقل تقدير يترك عمله الحكومي ويجلس في منزله ضماناً لأمنه الشخصي وأمن عائلته.. وغير ذلك.
عندما يبحث المواطن عن “لقمة العيش” لدى مؤسسات الدولة ويحافظ عليها…فهو دون أدنى شك يحافظ على مؤسسته.. وعلى استمراريتها، وإلا كيف استطاعت مؤسسات الدولة أن تصل إلى العام 2018 وهي لاتزال تعمل وتنتج وتقدم خدماتها؟..
وهذا بغض النظر عما تعانيه اليوم هذه المؤسسات جراء الحرب والعقوبات والتراكمات السابقة من مشاكل وصعوبات وهموم..
عندما يصل عدد الوزراء الجدد منذ بداية الأزمة وحتى التعديل الأخير إلى ما يقرب من 100 وزير، فهذا يعني بوضوح أن الدولة قامت واستمرت بفضل آلاف العاملين، وكثير من الإدارات التي عملت وسعت.. ورضيت بتحمل المسؤولية، وتحديداً في الأسابيع الأولى من عمر الأزمة، في وقت كان لا يجرؤ فيه طبيب نسائية أن يظهر على التلفزيون ليقدم نصائح للحوامل..!!.
طبعا.. هناك أيضاً من بقي مع الدولة (بالاسم) وأثرى عملياً على حسابها ومصالحها بطرق وأساليب متعددة وملتوية.
وهنا تكمن المفارقة الثانية أن تتم المساواة بين الشريحتين، وفي أحيان كثيرة.. وفي حالات معينة تكون الأفضلية للأسف من نصيب الشريحة الثانية “المستغلة” لأسباب وظروف باتت معروفة..!!.
باختصار…
كل من كان قلبه على الدولة، ونزل إلى معترك العمل في مؤسساتها ومعاملها… لا يريد مع انتهاء الحرب ثناءً.. ولا مكافأة.. ولا حتى امتيازاً.
ما يريده هو “السترة” فقط.. وألا يأتي يوم “يندم” فيه على عدم جلوسه في منزله والانتظار.. كما فعل غيره.
“سيرياستيبس”
Post Views:
0