الاصلاحية | منصة التحكيم |
أضافت وزارة الاقتصاد خطة جديدة إلى سجلّها الحافل بالخطط المركونة على الرفوف المغبرّة ، حيث بات التخطيط ورشرشة ” الأحلام” والاستعراض ، خيار أفضل لمداراة الفشل والارتباك الذي لا يقتصر على وزارة بعينها في منظمتنا التنفيذية .
الخبير السوري | على كل حال ، ثمة جديد الآن لدى وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجيّة ، يتعلّق بالصادرات و أوجاعها المزمنة التي انتقلت المعالجات الناجعة بشأنها إلى اتحاد المصدرين ، بعد فشل المتعاقبين على مقصورة الإدارة والتحكم في هذه الوزارة ، في إنقاذ هذا القطاع الذي كان دائماً نافذة الخلاص الاقتصادي.
وهنا لابدّ من فكرة معترضة ، وهي أن الفشل لا يتعلّق بشخص الوزير ، بل بهيكليّة وكوادر وتقاليد عمل بائدة تتعدى في عائديتها مضمار الوزارة كتموضع ودور وصلاحيات .
فقد بدا العنوان الأبرز في الخطة الوطنية للتصدير التي أعدتها ” الاقتصاد ” هو تبنيها لحلول أفرط بعضهم بالتفاؤل و أطلق عليها لقب “جذرية” كفيلة بالحد من المشكلات والمعوقات البنيوية التي تعيق تقدم العملية التصديرية.
واللافت أن الوزارة تتحدث في خطنها التصديرية كخبير مستورد “مستأجر” ليشخص ويعد خطّة لا علاقة له بتنفيذها ، ثم يتقاضى أجره ويغادر !!
تماماً كما كان يفعل الخبراء الذين كنا نستقدمهم من الخارج ، وطالما كنا شغوفين بهم ، وكبّدنا ذلك الشغب المليارات.
لن نطيل التعليق وسنذهب مباشرة إلى الخطة التي “زفّتها” وزارة الاقتصاد لكل معني بقراءتها والإعجاب بها ، فوفقاً لصحيفة محلّية أوردت الخبر ، يرى معاون وزير الاقتصاد بسام حيدر أن المعالجة الفعالة لمشكلات التصدير تكمن من خلال التوصيف الصحيح لواقع الأسواق الخارجية ، مع اعتمادية واضحة المعايير في اختيار المنتجات المعدة للتصدير، وهذا يتطلب التنسيق والتعاون بين كافة الجهات المعنية لتبني خطة عمل واضحة على المدى القصير والطويل بهدف إنجاح العملية التصديرية.
يجب ولا بد …
وكالعادة لم ينسَ معدو الخطة استخدام مفردة “يجب” ، وقالوا : يجب التركيز على تحديد الأدوار المطلوبة من الجهات المختلفة بشكل واضح ومكتوب، لاسيما لجهة ما يتعلق بتعزيز دور وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي في مزيد من التحسين والتغيير في نوعية الإنتاج الزراعي، الذي يراعي الميزات التنافسية للاقتصاد السوري ونوعية الزراعات المطلوبة في الأسواق الخارجية، بما في ذلك وضع خطة واضحة لاستبدال بعض الزراعات غير المجدية اقتصاديا بأنواع أخرى من الزراعات مثل الزهور- النباتات العطرية – الرمان- الكرز- الزراعات المائية – التبوغ، إضافة إلى تعزيز دور وزارة الصناعة في تحسين جودة المنتجات ورفع تنافسيتها من خلال التشدد في تطبيق مقاييس الجودة، إلى جانب تعزيز دور المصرف المركزي في تأمين التسهيلات المصرفية اللازمة لإتمام دورة الإنتاج التشغيلية عن طريق المصارف العاملة، كما يتطلب من المركزي تأمين عملية تحويل قيم الصادرات من خلال على إحداث مؤسسة ضمان وتمويل الصادرات. وتشير الخطة إلى تعزيز دور وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك أيضاً في تخزين الفائض من إنتاج بعض الأنواع “التفاح والإجاص والحمضيات” في البرادات العائدة لها، بينما ينحصر دور وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية في تشجيع ودعم التصدير والترويج للصادرات السورية في الخارج.
أسهل وتسهيل..
وبمنتهى البساطة.. أشارت الخطة إلى تسهيل نفاذ المنتجات السورية إلى الأسواق الخارجية من خلال الخطط التسويقية والترويجية لهيئة دعم وتنمية الإنتاج المحلي والصادرات، والمؤسسة العامة للمعارض والأسواق الدولية، مع الأخذ بالحسبان إلى أن أي سوق خارجي هو سوق محتمل، مشيرة إلى “ضرورة ” – نكرر ضرورة -تعزيز الجهود للوصول إلى أكبر عدد من الأسواق كلما كان ذلك ممكناً ومجدياً، بحيث يتطلب ذلك القيام بتشجيع ودعم إقامة المعارض الخارجية التخصصية، ومعارض البيع المباشر، وكذلك المشاركة في المعارض الدولية، إلى جانب إقامة المعارض الدائمة وإحداث البيوت التجارية السورية في الخارج بهدف عرض المنتجات السورية بشكل دائم، وبالتالي توسيع أفق التجارة، مع إمكانية أن يكون بعضها على شكل مولات التجارية.
وركزت الخطة على أهمية توفير إمكانية تبادل المعلومات بين سورية وعدد من الدول لالتقاط إشارات الأسواق، لاسيما وأنه يتم التخطيط لإقامة معارض دائمة في كل من روسيا والعراق وأرمينيا والجزائر ومصر خلال العام الحالي، مع الإشارة إلى أنه تم إنجاز العديد من الخطوات في مجال إحداث البيت السوري في أرمينيا وروسيا والذي قد يشمل مدنا مختلفة.
اختراق فوق العادة..
اللافت أن الخطّة و كأنها تخاطب بلد ناشئ أو دولة قيد التأسيس لم تبحث موضوع التصدير يوماً ، طلبت دراسة احتياجات الأسواق الخارجية مما يمكن إنتاجه في سورية ومجالات المنافسة والأنظمة والقوانين المعمول بها، مع توسيع دائرة العلاقات الاقتصادية الدولية، وذلك بالتعاون بين وزارتي الاقتصاد والخارجية والمغتربين وهيئة التخطيط والتعاون الدولي، من خلال عقد مزيد من الاتفاقيات التجارية الفاعلة ومحاولة الحصول على مزايا تفصيلية من خلال التفاوض مع الدول الأخرى، لا سيما أن هذا الأمر محكوم بشكل أساسي بالمناخ العام لعلاقات الدول مع بعضها البعض.
وأشارت الخطة إلى الترويج للمنتجات السورية من خلال إحداث مكاتب اقتصادية في السفارات السورية والتي يجب أن تدار من قبل كادر على درجة عالية من التدريب والخبرة من خلال الاعتماد على خبراء اقتصاديين، عبر القيام بعمليات الرصد والتحليل لاحتياجات الأسواق الخارجية من السلع والمنتجات التي يمكن لسورية تصديرها، وأهم الموردين لهذه الأسواق وطرق ومزايا التوريد التي يتم الحصول عليها، بالإضافة إلى نوعية وجودة المنتجات المطلوبة وكميات الاستهلاك وفترات الذروة بالنسبة للطلب، وموافاة وزارة الاقتصاد بها ليتم استكمال دراستها ومن ثم العمل عليها من قبل كافة الجهات المعنية.
اختراع ..
وأكدت الخطة على “ضرورة” متابعة قوائم السلع السورية المتاحة للتصدير بالتنسيق مع الجهات الرسمية وفعاليات القطاع الخاص لدى الدول التي تقوم بها السفارة لتغطية نطاق عملها، وذلك بهدف التوصل إلى رؤية واضحة تتضمن تحديد المنتجات السورية التي يمكن أن تمتلك بها سورية فرصا تصديرية، وذلك في ضوء المزايا النسبية التي تتمتع بها كل دولة سواء لجهة احتياج هذه الأسواق إلى منتج تصديري جاهز للاستهلاك المباشر، أم غير المباشر، مع الأخذ بعين الاعتبار المنتجات المشابهة التي يتم استيرادها من دول أخرى والمزايا التفضيلية التي تتمتع بها.
ولفت الخطة إلى اعتماد بناء قاعدة بيانات من شأنها توفير الخدمات التي تسهل عمل الوفود الاقتصادية “الرسمية وغير الرسمية” وتساعد المستثمرين ورجال الأعمال في سورية، إضافة إلى توفير الدراسات عن المؤسسات التجارية والاقتصادية ذات الكفاءة العالية والسمعة الجيدة “الحكومية والخاصة” في الخارج والتواصل مع القائمين عليها، ولاسيما تلك التي تتمتع بمزايا نسبية لتشجيعهم على الاستثمار والعمل في سورية مع، التأكيد على أهمية التطرق خلال اللقاءات مع المستثمرين إلى القوانين والتشريعات المحفزة على الاستثمار في سورية والترويج للخارطة الاستثمارية التي تقوم بإعدادها هيئة الاستثمار السورية.
تفعيل ..
وتطرقت الخطة إلى جانب يتعلق بتعزيز كفاءة الخدمات اللوجستية المقدمة للمصدرين من خلال وضع خطط لتفعيل خطوط النقل البري والبحري والجوي، والعمل على إيجاد خطوط نقل بحرية منتظمة مع الدول المستهدفة، ومعالجة الحالات الطارئة، إلى جانب تفعيل إدارة وتشغيل المرافئ الوطنية، وتطوير الإمكانيات المتاحة فيها، لتقوم بتقديم الخدمات اللازمة لدعم العملية التصديرية، وتخفيف البدلات والبيانات حول أسطول النقل الداخلي والخارجي وتحديثها بشكل مستمر، ووضع الآليات للاستفادة منها بالشكل الأمثل، مع تخفيض البدلات المرفئية على السلع المصدرة.
بسرعة البرق..
ونوهت الوزارة – وكأنها خبير حيادي – في الخطة إلى “وجوب” – أي ضرورة – الإسراع في إعداد خارطة سورية التجارية، إلى جانب إعداد قاعدة بيانات عن مستوردي الصادرات السورية، ودليل لكافة الأسواق التصديرية المحتملة، وبناء نموذج لقياس أداء التجارة الخارجية بالشكل الذي يدعم اتخاذ القرار، ولحظت الخطة وجوب أتمتة قطاع التجارة الخارجية كاملا بما يتيح تقديم الخدمات ذات الصلة عن بعد، مع صياغة برنامج وطني للمساعدة في تدريب كوادر قادرة على متابعة تفاصيل التجارة الخارجية، كما أشارت الخطة إلى ضمان كفاية الأنظمة والسياسات والأطر لدعم جودة المنتج السوري، ومنها تطوير البنى التحتية الداعمة لجودة المنتج السوري وذلك من خلال إحداث نظام للرقابة على الصادرات.
بقي أن تزودنا الوزارة بإحصائية دقيقة عن عدد الدراسات والخطط التي أُعدت في ذات الوزارة وبشأن الموضوع ذاته ، والأهم أن تنجح في التقاط نقاط الاختلاف ، بين خطتها الجديدة و شبيهاتها السابقة ، فالأرشيف حاضر اللهم إن لم يكن قد أكل محتوياته العت.
Post Views:
0