الاصلاحية | خاص |
محافظة دمشق تتخفى بكاميرات لتصوير محلات البالة في شارع خالد بن الوليد وتختم عشرات المحلات، بحجة مخالفتها وإشغالها للأرصفة.
أماني صديق | وذكرت محافظة دمشق أن سبب الإغلاق هو إشغال بعض المحلات للأرصفة وان الإغلاق جاء بناءً على عدة شكاوى وردت إلى المحافظة وانه في حال تكرار المخالفة ستشدد العقوبة ويتم إغلاق المحال إغلاقاً نهائياً ولا تفتتح مجدداً إلا بقرار من المحافظة.
وفي سؤال لمدير حماية المستهلك في وزارة التجارة الداخلية حسام نصر الله بين أن الوزارة غير مسؤولة سوى عن تدقيق الفواتير وفي حال الشكوى من احد المواطنين عند شراءه منتج لم يعاينه جيداً ويتفحصه قبل شرائه.
الرصيف أرخص..
بعض من أصحاب المحلات ذكر أن السبب إشغال الأرصفة، ولجوء البعض لعرض البالة خارج المحلات لأنها أرخص ثمناً من البضائع داخلها، بالإضافة إلى أن لا دخل لأصحاب بعض المحلات ببائعي البسطات فهم من المتعيشين والفقراء، والذين سُمح لهم بالوقوف جانب المحلات.
أما البعض الآخر فلم يبدوا أي ردة فعل لأنهم وصلوا لمرحلة اليأس من حل القضية، فحسب قولهم أن السبب الرئيسي هو أن قسم من البضائع مهربة وسبق أن طالبوا بالسماح لهم باستيراد البالة بشكل نظامي بدلاً من التعامل معها بطرق غير نظامية والاعتماد على التهريب، لكن غالباً ما يأتي الجواب بالرفض من الوزارات المعنية لأسباب غير معروفة مع العلم أن المحلات أوجدت مكاناً لها في الأسواق المحلية، وتؤمن عملاً لمئات الأشخاص وأغلب محالهم مرخصة.
حتى البالة لها تخصص..
وذكر أبو رفيق أن العديد من الباعة اختصوا في هذه التجارة وفتحوا محلات تجارية لترويج الألبسة المستعملة بعد تنظيفها وتجفيفها وكيّها وعرضها بطريقة جذابة، أما بخصوص أسعارها فتتفاوت بحسب جودة القطعة وعلامتها التجارية، ففي محلات البالة تتوفر بضائع تناسب جميع الفئات وهناك ملابس فيها خلل ما في الخياطة من المعمل أو ملابس غير مستعملة بشكل كبير وأقرب ما تكون إلى الجديد ويطلق عليها تسمية “نوع أول” وهي أغلى سعراً، وهناك نوع ثانٍ وثالث كل حسب سعره بما يناسب طلب الزبون، وتأتي هذه الألبسة من مصدرها بالكيلو مع العلم أن تجار البالة قد يخسرون في صفقاتهم بحيث يشترونها كما هي دون فتحها وجودة محتوياتها تبقى في حكم الحظ.
منافسة..
وأشار عدد من التجار أن السبب وراء تجميد قضية استيراد البالة بعض كبار تجار الألبسة الجاهزة ممن لديهم مصلحة بمحاربة تجارة البالة لخدمة مصالحهم، وخوفاً من منافستهم في السوق المحلية، مما ينعكس سلباً على الاقتصاد المحلي والمواطن عبر رفع أسعار ألبستها على نحو كبير، علما أن الدولة تخسر من دخول هذه البضائع عبر التهريب من الإمارات والأردن ولبنان والتي غدت في السنوات الأخيرة المصدر الوحيد لها، ومن ثم يضيع حقها من استيفاء الرسوم الجمركية داعين إلى تسوية أوضاعهم طالما أن الجهات الإدارية المحلية رخصت لهم أصولاً لمزاولة عملهم وذكروا أن وزارتي الصحة والاقتصاد لا مانع لديهما من ذلك.
مداولات..
وفي نظرة لمشكلة البالة التي لم يجدوا لها حل منذ عدة سنوات خلص مجلس الشعب في عام 2001 إلى توصيات تتمحور حول أن تكون مزودة بشهادة صحية تؤكد خلوها من الجراثيم إضافة إلى أن تحدد الكمية المناسبة، وأن يتم استيرادها من عائدات قطع التصدير.. إلا أن هذه التوصيات لم تجد طريقها إلى النور وبقيت حبيسة الأدراج دون أن يؤخذ بها إلى الآن حسب ما ذكره أصحاب المحال.
ومنذ وقت قريب ضبطت جمارك دمشق كميات كبيرة من الألبسة المستعملة «البالة» بلغت قرابة 800 كيلو غرام في قضيتين جمركيتين منفصلتين، علماً أنه تمت المصالحة أصولاً عبر دفع التجار أصحاب هذه البضاعة الغرامات المفروضة، مع حجر على الألبسة التي تم توزيعها على جهات محددة بعينها قامت بتوزيعها على الأسر المحتاجة والمهجرة.
ليست طارئة..
تجارة الثياب المستخدمة ليست وليدة الحرب والأزمات الحالية، فهي منتشرة ومشهورة عالمياً منذ ما يزيد عن 100 عام، فمع بداية الحرب العالمية الأولى وانتشار الفقر والهجرات المكثفة للمدنيين من بلد لآخر، ظهرت جمعيات خيرية توزع الثياب المستخدمة للمهاجرين والفقراء المحليين، لتتوسع بعدها الثياب المستخدمة كتجارة وتتعزز بشكل أكبر مع قدوم الحرب العالمية الثانية.
فالحاجة إلى حلول لمشاكل ظهرت وأزمات فرضت علينا أمور ربما كنا نرفضها سابقاً تستدعي من المعنيين بحل هذه المشكلات الخروج من صندوق العقوبات والمخالفات والشمع الأحمر، وليكن في تجربة مصر وغيرها من الدول والتي أطلقت حملة «اشتري ملابسك بالكيلو»، على مواقع نترنيت متخصصة ومرخصة بشكل قانوني، أو من خلال المحلات التجارية فبعد الانتهاء من جولة الشراء داخل المحل واختيار ما يناسبك من الموديلات والمقاسات، تتوجه إلى شخص يقوم بوضع الملابس على الميزان كما لو كنت تشتري أطعمة ليقوم وزن كل قطعة حتى يصل وزنها وليس سعرها إلى كيلو، فالملابس المعروضة غير مسعرة وإنما تباع حسب وزنها، والغريب أن سيدات المجتمع هن من يقمن على هذه الصفحات ويقوموا بتنظيم يوم مفتوح في الفنادق لعرض الملابس المستوردة من أفضل الماركات العالمية.
آثار صحية..
وعن مدى تأثيرها على الصحة العامة بين الدكتور بشار محمود أخصائي الأمراض الجلدية أن هذه الملابس تؤثر على الصحة وخصوصاً الأطفال ويتسبب بإلحاق الضرر بهم ، فبعض الأطفال تكون لديهم حساسية سريعة من المواد الضارة التي تتسبب بأمراض جلدية، وأشار إلى أن هناك بعض الأمراض التي تنتقل عن طريق الملابس المستعملة مثل الأمراض الطفيلية والفيروسية، وقد تسبب الأكزيما الجلدية أو الحساسية وفي بعض الأحيان الحساسية في الجهاز التنفسي، والتي تنتقل إلى جسم الإنسان بمجرد ارتداء هذه الملابس ولمسها، لذلك يجب الاهتمام بتعقيم وتطهير الملابس بصورة صحيحة وكيها قبل استخدامها حتى تكون صحية ولتفادى انتشار الأمراض، فسوء التخزين والنقل وتعرضها لعوامل البيئة يجعلها لباسا ضارا، ولا سيما عند الأطفال صغار السن والنساء وكبار السن، على اعتبار ضعف جهاز المناعة لديهم. كما أن بعض الملابس قادرة على نقل أمراض معدية جدا كالجرب والقمل والقراد، وبعض الملابس المصبوغة ببعض المواد الكيماوية المختلفة قد تسبب بعض الأمراض الجلدية أثناء تخزينها ونقلها وعرضها في ظروف تغيب فيها النظافة.
رأي المستهلك..
وعن أراء بعض المترددين على أسواق الألبسة المستعملة ذكر أحمد طالب جامعي انه وخلال الحرب الدائرة في سوريا منذ أعوام تغير الوضع المعيشي وتدنى الدخل المادي، ومع ازدياد متطلبات الحياة، في ظل الأزمة السورية الراهنة، بحثنا عن بدائل وأنا وبحكم وضعي الاجتماعي احتاج إلى مظهر لائق ولا استطيع أن اشتري مما يعرض على واجهات المحال لأنني بصراحة لا أملك حتى ثمن قميص فالأسعار خيالية وليست منصفة لذوي الدخل المحدود، ولم تعد الألبسة القديمة تسبب إحراجاً لي أو لأصدقائي، بسبب الظروف التي نعيشها.
سوسن هي واحدة من مئات الباحثين عن بضاعة جيدة ورخيصة في محلات البالة، والتي تقضي ساعات تبحث عن قطعة جيدة و”مودرن” وبسعر مناسب لدرجة أن مشوار البالة كما تقول أصبح عادة أسبوعية لديها.
يقول أبو أمجد خلال هذا العام لم أشتري الملابس الجديدة، فأسعارها الجنونية منعتني من ذلك كما أني أريد مبلغ كبير جداً بالنسبة لي لأشتري ملابس جديدة لي ولعائلتي، فما كان لدي خيار سوى شراء الملابس من البالة فهي أرخص بكثير من الملابس الجديدة.
اعتادت أم منير التوجه باحثة عن ثياب تناسب بناتها بين محال البالة المنتشرة بكثرة، ورغم أنه قادرة على شراء ثياب جديدة محلية الصنع فبناتها تفضلن الثياب الأوروبية؛ فهنا ماركات عالمية شهيرة وبأسعار رخيصة، وجودة عالية والاهم أنها غير منتشرة في الأسواق.
ترى هدى أن ازدياد إقبال الناس على الثياب المستخدمة -وهي منهم- إلى تدني جودة البضائع الوطنية بشكل كبير بالإضافة لأسعارها النارية، وخصوصاً بالنسبة إلى الأحذية. وأخفت ضحكتها وهي تفسر كيف تتخفى وتذهب إلى محال البالة في حارات بعيدة عن مسكنها لان ببساطة الكثير من الناس ينظرون إلى من يشتري البالة نظرة دونية، وبعضهم يخفون تداولهم لها، في حين أنها تجارة رائجة عالميا ولها أسواق على الإنترنت .
Post Views:
0