كتب ثامر قرقوط |
تشعرنا الحكومة أنها مجرد مركز للدراسات، إذ جل ما يرشح عن اجتماعاتها، تشكيل اللجان، وتكليف الوزراء، لمزيد من التعمق في الرؤى، والتبحر في ردود الفعل، وإعادة داسة المدروس. وكأن الهدف، تمضية الوقت، وممارسة عادة التأمل.
الاصلاحية | منصة التحكم | لانقلل من شأن الدراسات، ووضع البرامج. لكن أن يقتصر دور مجلس الوزراء في اجتماعه الأسبوعي على هذا الأمر، وتقديم الوزراء لشروحات حول مشاريعهم، رغم أهميته، فهذا هو النصف غير المرغوب في العمل الحكومي، والقضية التي لايراها المواطن تحظى بالأهمية الكبيرة.
وأكثر ما يثير الحزن، أن جزءً كبيراً من العمل الحكومي في هذا الإطار، تحول إلى اعادة دراسة المذكرات التي تقدمها الاتحادات والنقابات المختلفة. بمعنى أن هذه الجهات، هي التي تقود اتجاهات الحكومة.
ينتظر الناس من حكومتهم قرارات، يستعدون صباح كل يوم أحد، لجديد يثلج صدرهم، تنقله وسائل الاعلام الرسمية. وليس كلاماً عاماً حول الموضوعات المراد معالجتها. المواطنون عادة مشغولون بالحاضر، ويطبقون مأثوراً شعبياً مهماً هو:” لاتقول فول حتى يصير بالمكيول”.
تجربة المواطن مريرة مع اللجان المُشكَّلة، إذ أنها لم تثمر عن أي قرار صائب، كون الأخذ والرد الذي تتعامل به اللجان لايتناسب مع أهواء الحكومة، أورغبات الناس في إيجاد حلول سريعة للمشكلات. فيما اللجان تدرس بسرعة السلحفاة، وتقترح بما لايتوافق مع الامكانات، فيعاد المشروع المدروس، أو القضية المطلوب بحثها مرات ومرات، ليكون القرار النهائي بعيداً عن رأي المستشارين.
في النصف الثاني من 2011، شكلت حكومة عادل سفر ثلاث لجان، هي لجنة مكافحة الفساد التي وضعت معايير وأسس لمكافحة الفساد، ولجنة دراسة الواقع الاجتماعي والاقتصادي، ولجنة تحديث الإدارة العامة. ولم تطبق الحكومات المتعاقبة أياً من مقترحات هذه اللجان، التي انتظر المواطن ثمرة أعمالها، لكنه حصد الهواء. وتغيرت ثلاث حكومات، مع تعديلين وزاريين، ولم يتغير الواقع الذي درسته اللجان المذكورة.
يوجد في أروقة الوزارات وفي ديوان كل واحدة منها، دراسات تغير وجه العالم الاقتصادي، رؤوى وأفكار وضعت بدقة، وصيغت بعناية، وكان نصيبها الحفظ والصون في الدروج. لتكن الحكومة صريحة مع مواطنيها، وتخبرهم بشفافية، كم يبلغ عدد القرارات المهمة والمصيرية في الشأن الاقتصادي التي اتخذتها؟ ونحن سنخبرها بعدد المشاريع التي درستها، أو أعادت دراستها، واللجان التي شكلتها.
لاتنتظروا من حكومة تعمل بصفة مركز الدراسات، أن تقدم لكم أكثر من الدراسات التي تجدونها إن أردتم في مكتبة كلية الاقتصاد. وفي فترة سابقة، كتب وزير على أحد التعاميم، موجهاً كلامه لمدير مركزي، “لاجراء اللازم”. فرد عليه المدير على ذات الكتاب: “ماهو اللازم لنجريه؟”. ربما تحتاج الحكومة لمن يقول لها: ماهو اللازم المطلوب اجراؤه.
صار وقتا..
Post Views:
0