الاصلاحية | خاص |
يحب السوري اليوم الانتخابي الطويل، ينتظره بفارغ الشوق، ويمارس فيه عادة التخلي عن الاستعداد لمتطلبات أسرته المعيشية، ومواجهة الخدمات المنقوصة التي تصله بالقطارة. ويكون همه الديمقراطي، أكبر بكثير من النظر للقضايا الثانوية.
كتب ثامر قرقوط | لكن هذا ليس السبب اليتيم الذي يدفع اللجنة القضائية العليا، المشرفة على انتخاب أعضاء المجالس المحلية، أن تقف في دائرة طباشيرية. وأن يكون خيارها الوحيد، هو تمديد فترة الانتخابات في 16 الشهر الجاري، لإفساح المجال أمام ملايين المواطنين السوريين، للإدلاء بأصواتهم، بمحبة وفرح غامرين.
فهناك سبب أخر يمكن القياس عليه، وهو تمديد اللجنة الشهر الماضي فترة الترشح، فمن يكون هذا المرشح الذي لم يسعفه وقته خلال أسبوع أن يتقدم بأوراقه؟ ما هي مواصفاته؟ ما هو برنامجه العتيد؟، عادة ما تُحسَّم القضايا في الربع ساعة الأخيرة، أما لدينا فالوقت الاضافي هو التوقيت المناسب، لاتخاذ القرار وللانجاز. لذلك يحبه السوريون، للاستمتاع باليوم الانتخابي إلى آخر لحظة. فالوقت هنا ليس سيفاً، بل هو حزمة متكاملة من الخدمات الخمس نجوم.
يحب السوري يوم الانتخابات، لأنه يوم “دبكة” خدمية منظمة، وليس عرساً ديمقراطياً، كما يشبهه بعض كبار المسؤولين. يعلو فيه صوت المواطن المطلبي، ضد الفساد والتعيينات غير المناسبة، والممارسات الخاطئة، وتوسع مروحة الاحتياجات. يصرخ بوجه الفقر وتدهور المستوى المعيشي، ينتقد القرارات التي ألحقت به الضرر، يسخر من بعض التصريحات الحكومية، يعبر عن عدم رضاه عن البطاقة الذكية وتوزيع المازوت وتصنيع الرغيف وتقتير الحكومة بكل شيء، وهذا لايمنعه من التعبير عن فرحته باستقلالية الوحدات الادارية.
يوم الانتخابات يوم عظيم في حياة الأسرة، تستطيع ربات البيوت الغسيل والكوي والشطف…الخ، على مدار فترة الانتخابات، وتؤجل بعض الأعمال لفترة التمديد، إذ تتوفر الكهرباء بشدة، والمياه بغزارة. كما ينتظم النقل، وتتعامل شرطة المرور بشكل أكثر من راق، ولاتعرقل مواكب المسؤولين الناس، وتسقط البيروقراطية، إذ يؤدي الموظفون المطلوب منهم بتسارع ووجوه مبتسمة، وغيرها من ايجابيات لاتعد ولا تحصى.
كانت أيام الانتخابات، حتى في أحلك الظروف، هي أيام خدمية بامتياز. وكان وزير الكهرباء في الحكومة السابقة، أي المهندس عماد خميس، يؤمن الكهرباء بلا تقنين وبشدة تيار ممتازة لكل سورية، أيام الانتخابات. وفي الأيام العادية، لم تطبق شركات الكهرباء في المحافظات، برنامج التقنين العادل. هي مفارقة لايمكن فهمها، وإدراك مغازيها، إلا الذين يعلمون تماما: ماذا تعني العملية الانتخابية؟
تدلل الحكومة مواطنيها في يوم الانتخابات، ويشعر هؤلاء بمواطنتهم الحقيقية، لايتعجرف المسؤول، تدخل الفرحة لقلوب أطفال ينتظرون من المرشحين توزيع سندويشات في المراكز الانتخابية. هو يوم للبر والتعاضد، والتعبير عن الخير الكامن في المجتمع.
لاتفسدوا على المواطن فرحته باليوم الانتخابي الطويل، الخالي من “نق” الزوجات “النكديات”، ومطالب الأبناء التي تفوق طاقة رب أسرة نظيف اليد. اتركوا التنافس حقيقياً بين نحو 41 ألف مرشح، على 18478 مقعد، مقارنة بنحو 17 ألف مقعد في انتخابات 2011. لا تغلقوا القوائم، أو تتركوها مواربة (شبه مغلقة)، اتركوها مفتوحة لتكتمل فرحة المواطن، الذي بات ينتظر يوم الانتخابات ليشعر “بحنية” الحكومة.
صار وقتا..
Post Views:
0