الاصلاحية | خاص |
يعيش أغلب موظفي القطاع العام على أمل زيادة الرواتب، وعودة قدرته الشرائية إلى ما كانت عليه قبل سنوات الحرب، ربما كان الركون لهذا الأمل خياراً وحيداً مع تقلص خيارات العمل الاضافي في مهنة أخرى، مع الاحتفاظ بوظيفته.
شهدت السنوات العشر الأولى من الألفية الثانية تطوراً ملحوظاً على دخل العاملين في القطاع العام، حتى العام 2010 تضاعف راتب الموظف، مع بقاء الأسعار على حالها نسبياً، الحد الأدنى لأي راتب حتى بداية العام 2011 كان يتجاوز الـ 200 دولار أمريكي ويصل إلى 600 دولار بالنسبة لحملة الشهادات العليا وللذين أمضوا سنوات طويلة في الوظيفة، (كان الدولار أقل من 50 ل.س).
في قراءة سريعة للأنماط الاستهلاكية للمواطن السوري خلال تلك الفترة، وخاصة شريحة الموظفين، يمكن تقدير حجم البحبوحة التي كان يحققها لهم راتب الوظيفة العامة، مؤشرات تلك البحبوحة التقطتها سريعاً السوق (سوق السيارات مثلاً)، وبنت عليها “المصارف الخاصة” سياستها في منح القروض، أغلب القروض التي منحتها المصارف الخاصة كانت لشراء السيارات، وهي كانت موجهة لمحدودي الدخل، المدفوعات الشهرية لقسط السياراة وسطياً كان (12 ألف) أكثر من 200 دولار بقليل، بدا الأمر يسيراً بالنسبة للأسرة التي تملك “راتبين” الزوج والزوجة موظفان مثلاً، إذ يمكن الاستغناء عن راتب أحدهما.
تلك الحالة ونقصد “الشعور بالبحبوبحة” كانت أحد عوامل الرغبة العارمة في الحصول على وظيفة حكومية، حتى أن حالات الزواج في تلك الفترة غالباً ما كانت تحكمها مسألة امتلاك وظيفة دائمة في القطاع العام، لما كانت تمنحه من أمان واستقرار اجتماعي وفق الاعتقاد السائد، وهو اعتقاد كان مبرراً.
عندما دخلت الأزمة استطاعت الحكومة في الـ 2011 تأمين زيادة جديدة على الرواتب، أعطت جرعة ثقة أكبر بالوظيفة العامة، ثم الحقتها بزيادة أخرى لكن في العام 2013، هذه المرة ترافقت مع زيادة أسعار جنونية، وتراجع حاد في سعر صرف الليرة (في العام 2013 وصل الدولار إلى 300 ل.س دفعة واحدة من مستوى 130 ل.س)، ومع ذلك بقيت الثقة موجودة بالراتب الحكومي، بعد تلك الزيادة توجهت الحكومة لمعالجات أخرى لمواجهة ارتفاع الأسعار مقارنة بدخل موظفيها، وطبقت ما بات يعرف بالتعويض المعيشي، تلك الاجراءات الحكومية وإن كانت غير كافية لتحسين مستوى معيشة الموظف، إلا أنها أبقته متمسكاً بالوظيفة العامة على أمل زيادة من هنا أو تخفيض أسعار من هناك، وما حدث بعد ذلك فإنه لم ينل لا هذه ولا تلك!!.
في الأيام الأخيرة لحكومة الدكتور وائل الحلقي صيف 2016 لجأت إلى رفع أسعار المشتقات النفطية، عاش غالبية الموظفين منذ ذلك الحين على أمل زيادة الرواتب، حيث درجت العادة أن أي زيادة تطرأ على المحروقات يجب أن تليها زيادة في الرواتب، خاب أملهم هذه المرة، فكل الوعود التي أطلقتها حكومة المهندس خميس بعد تسلمها مهامها في نفس العام، بقيت في خانة الوعود، نفذت زيادة واحدة لصالح العسكريين وهي لم ترتق أبداً لمستوى تحسين مستوى معيشة المستفيدين منها!!.
بطبيعة الحال فإن أصحاب الرواتب “محدودي الدخل” باتوا اليوم من أكثر الشرائح المجتمعية فقراً، ولعل ارتهانهم لهذا الراتب الذي لا يتعد الـ 100 دولار حالياً، كان سبباً في عدم سعيهم لتحسين ظروف حياتهم، بالانتقال للعمل في مهن أخرى تدر عليهم دخل أعلى، بمعنى أن الراتب كان سبباً في فقرهم!!.
صار وقتا..
Post Views:
0