الاصلاحية | خاص |
كتب ثامر قرقوط | تعاملت الحكومة، ببرود مثير، مع انحدر الوضع المعيشي إلى القاع، ولم يستفزها أن ثلث عدد السكان غير آمنين غذائياً، وأن أقل من نصفهم بقليل معرضون لانعدام الأمن الغذائي، وفقاً لمسح تقييم الأمن الغذائي الأسري 2017.
يبدو الوضع المعيشي الآن أكثر تعقيداً، إذ لم تتخذ الحكومة إجراءاً يعالج هذا الانزلاق المخيف باتجاه الجوع، بل أن 23% من المصنفين بالمسح المذكور أنهم آمنون غذائياً، ربما تكون أوضاعهم قد تبدلت، ولحقوا بالأخرين.
عقل الحكومة الاقتصادي غير مفهوم، ومادام الفكر التنموي لامكان له حالياً، تجنح الحكومة في قيادة الاقتصاد بطريقة مثيرة للتساؤل، فهي التي انفقت على سبيل المثال 1.4 مليار ليرة لتشغيل قطار معرض دمشق الدولي الذي خرج من الخدمة سريعاً، لاتخبرنا ماذا انفقت على مشاريع مواجهة الجوع؟ لاتمتلك الحكومة هكذا معلومات، لأنه لا يوجد لديها مشاريع كهذه، ولانقرأ في أدبياتها وتصريحات مسؤوليها، اهتماماً بهذا المحور، مقارنة بورود عبارة “مرحلة إعادة الإعمار” عشرات المرات يومياً على ألسنة كبار المسؤولين، وفي عناوين المؤتمرات الاقتصادية والاستثمارية.
تحتاج المؤشرات الاقتصادية المخيفة، كالمذكورة آنفاً، لإطلاق خطة إسعافية سريعة لترميم الوضع المعيشي المتردي. لكن حال حكومة عماد خميس كسابقاتها، ترمي شباكها في البحيرة الخالية من السمك.
كانت حكومة وائل الحلقي ترفض نشر الاحصاءات، ومرة احتاج وزير العمل موافقة رئيس الحكومة للحصول على بيانات تتعلق بالقوة العاملة، ومن ثم رفض الاطلاع عليها خوفاً من اتهامه بتسريب هذه المعلومات.
حكومة عماد خميس خطت إلى الأمام، وأفرجت عن كل المعلومات الاحصائية التي يجب أن تُعلن، لكنها لم تكمل معروفها مع شعبها، وتعد الخطط اللازمة، وتبدأ بتنفيذها مباشرة، لمواجهة الواقع الصعب الذي يعانيه السوريون معيشياً.
إن الحكومة التي لا تستفزها المؤشرات الخطرة، ولا تحرك ساكناً لمعالجتها، لاتمتلك قدرة على مواجهتها بحكمة ودراية. ثمة فجوة كبيرة لدى الحكومة، بين الفكر من جهة والعمل الاقتصادي والتنموي من جهة ثانية. واحتكار منصب النائب الاقتصادي منذ حكومة الحلقي حتى الأن بيد رئيس الحكومة، هو أحد النتائج السلبية. لايوجد مطبخ اقتصادي لدى الحكومة، الجهود في هذا الصدد مبعثرة، وكل وزارة تعالج ما تريده، وفقاً لمشيئة الوزير، دون وجود صمام آمان يتعلق ببلورة الاتجاه الاقتصادي. وما تقوم به هيئة التخطيط والتعاون الدولي، لايبعث على الارتياح، بل إن إنزوائها، وعدم فاعليتها مثيران للتساؤلات. ومن أبرز هذه التساؤلات: هل تستطيع أن تخبرنا الهيئة التي تخطط لحكومة الفقراء، عن عدد أو نسبة السوريين الذين ساعدتهم الاجراءات الحكومية الاقتصادية خلال عامين للتخلص من فقرهم؟ بلا مغالاة، ودون أن نجانب الحقيقة، ما تملكه الحكومة ـ على الأرجح ـ هو عدد المنضمين على يديها غير الرحيمتين إلى نادي الفقراء، الذي يكتسح الشارع السوري.
لأنو صار وقتا..
Post Views:
0