الاصلاحية |
لأول مرة يغيب كبار المسؤولين عن حدث اقتصادي مميز، يشكل نقطة تحول حقيقية، أي افتتاح معبر نصيب الحدودي مع الأردن الشقيق. حُرم المسؤولون من قص الشريط، أو رفع الحاجز. بالتأكيد هذه غصة، سيحملها الوزراء المعنيون من كلا الجانبين، رغم تفهمهم للمآلات السياسية، التي دفعت لتصدر رجال الأعمال المشهد، فهذه المرة سبق الاقتصاد ورجاله، الحكومات ومسؤوليها.
كان الأسبوع الماضي من الناحية الاقتصادية، أسبوع المعابر بامتياز، افتتاح معبر نصيب/جابر، رئة الاقتصاد، والحديث عن رغبات حثيثة لافتتاح معبر البوكمال/القائم، دون اهمال افتتاح معبر القنيطرة باتجاه الجولان السوري المحتل، هذا المشهد الايجابي، كيف ستستثمره حكومتنا؟.
لاتوجد أرقام دقيقة، تتعلق بايرادات معبر نصيب، الذي أغلق قبل ثلاث سنوات. كما لاتوجد تقديرات موثوقة في هذا المجال، وكل ما هو متاح مجرد آراء وتقديرات قد تصيب وربما تخيب. السرية التامة التي تعاملت معها الحكومات، تجاه ايرادات أهم معبر بري في سورية، يثير التساؤلات، وأبرزها: أن الايرادات القليلة تجعل الادارات المالية تصمت، فهل هذا صحيح؟ لو أن الأموال المتحصلة من المعبر كرسوم مختلفة، جعلت حكوماتنا ترفع رأسها بها، لسمعنا عنها الكثير، لكن التقديرات الخجولة كرقم مليار دولار حصيلة سنوية، يُقزِّم المعبر، ويقلل من أهميته الاستراتيجية. لاحظوا أن افتتاح المعبر كان مطلباً لبنانياً وأردنياً، لما له من أهمية بالغة. ومقارنة الرقم المتداول قبل الأزمة بسبع ألاف سيارة كانت تمر من المعبر ذهاباً وإياباً يومياً، يثير التحفظ، والتساؤل المرير: أين كانت تذهب عائدات المعبر؟ لامجال لفتح دفتر قديم، كلها احترقت. الأن كيف ستتعامل الحكومة مع هذا المعبر؟.
الرسالة الأولى القادمة من المعبر هي اقتصادية، أول سيارة عبرت من جابر إلى نصيب، كانت سيارة دفع رباعي لرجل أعمال. وبالاتجاه المعاكس كان (براد) الحمضيات السوري ينتظر استكمال إجراءات التخليص الجمركي، معلناً ولادة مرحلة جديدة. ورغم الشروط المجحفة بحق تنقل السوريين، سيكون المعبر بالنسبة للحكومة الدجاجة التي تبيض ذهباً. النقطة المهمة هنا، تسعيرة المرور التي فرضتها وزارة النقل قبل أسابيع، وباعتبار أن مليار دولار كان حصيلة غير مرضية سابقاً، الأن في حال بقاء الحال كما هو من المفترض أن يتضاعف الرقم مرة أو اثنتين وربما أكثر. والأمر لايحتاج إلى تسويق، أو خطط، أو برامج حكومية. فلترتاح الحكومة، وتضع يديها ورجليها بماء بارد، فكل الأسباب لجني رسوم ثمينة محققة، باستثناء شرط وحيد قد يفسد الود والقضية والملح أيضاً، ونعني إدارة المعبر. لابد من تكليف إدارة كفوءة، وحازمة، وقادرة على ضبط التهرب الذي كان يحصل سابقاً، وتسهم في حل المشكلات اليومية والاجرائية من أمام المصدرين والمستوردين. فعلاً هذا المعبر يحتاج إدارة فوق العادة، لايمكن بعد اليوم المراهنة على التجريب، أو على ضعف الكادر. ضيق الحال المالي للحكومة يحتم عليها أن تكلف من يستحق التكليف.
يجب أن تذهب الرسوم المتوقعة لخزينة الدولة، وليس لجيوب المتنفذين والمزورين والمتهربين. في فترة سابقة، عندما كانت أسعار المازوت في سورية منخفضة، كانت السيارات الشاحنة، تدخل من معابر باب الهوى ونصيب وجديدة، تملأ خزاناتها الاحتياطية والبراميل المخبأة فيها، وتعود ادراجها. كانت تجارة رابحة جداً للأخرين، الأن لم يعد بوسع البلاد أن تقدم المزيد من خيراتها للجوار. نريد أن تصب، خيرات معبر نصيب وغيره، في خزانة الدولة السورية، ولتبدأ الحكومة اصلاحاً مالياً من معبر نصيب.
المصدر: سوريانا _ ثامر قرقوط
Post Views:
0