الاصلاحية | خاص |
لم يكن يتوقع أو حتى يتخيل الشاب الطموح أن تكون آخر مشاريعه على ارض بلده المفعم بالأمان والسلام قبل بداية الأحداث 2011، سيغدو يوماً بمثابة حالة رمزية تقع بين نارين.
يتحدث رجل الأعمال السوري خالد زبيدي لـ “الاصلاحية” ضمن سلسلة حوارات العام، برصيد الذكريات المتبقي: “غادرت سورية مع اشتداد الأزمة، بعد أن أفرغت رأس المال “الجبان” في عدة مشاريع عقارية على أرض الوطن، أهمها مول السلام الذي بالكاد انتهيت من بنائه وتجهيزه، وما أن بدأت أجنحته تستقطب المستثمرين وتمتلئ بالبضائع، داهمتنا الحرب، أعدت الأموال للمستثمرين، ودفعت رواتب الموظفين حتى آخر قرش، خرجت أنشد السلام.
لم يتسع بيته الصغير بكندا “وجهته الأولى”، لطموحاته، فغادره إلى الجزائر وكانت وجهته الثانية، وبمساعدة أصدقاء ورفقاء عمل، أسس شركة عقارية هناك، وحقق نجاحات لافته في عدة مشاريع على ما يقول: “الاستثمار يبدأ بفكرة، تعتقد انها مغامرة، الحقيقة الوحيدة المحسوسة، كانت حقيبة اللابتوب المعلقة على كتفك، كلما أردت أن تقفز بمخيلتك ستشدك إلى الأرض وبين الواقعية والطموح فسحة نجاح وطاقة مشحونة بكتلة استثمارات على أرض الوطن باتت بمثابة أطلال تقبع خلف عواجل أخبار الحرب، حملتها على الورق كــ “CV” عبور إلى قطاع أعمال البلد المضيف.
في غمرة الحديث والذكريات تتذكر تلك المسافة التي كنت اضطررت يوماً خلال سنوات الحرب أن تقطعها لتصل إلى مدينة المعارض أو مطار دمشق الدولي، حيث الارهاب والنار تحاصر ذلك “الأوتستراد” المعروف شعبياً بطريق المطار، مشهد قاتم تعبره على رائحة بارود القنص، ستقول في سرك أي “مغامر” هذا الذي يبني مولاً تجارياً في منطقة تتطلب منك زيارتها -قبل الحرب- استعدادات تشبه استعدادات السفر من محافظة إلى أخرى؟!.
هنا يجيب “زبيدي” الذي بدأ حياته العملية مبكراً في قطاع العقارات، عن مشروع متكامل رافق مخيلته من منزله الذي ترعرع فيه في كنف والدته بمنطقة المليحة، “قلبه بقي معلقاً على يمين الطريق”، كان أنشأ أول ضاحية سكنية على مسافة بضعة كيلومترات من مول السلام.
في بداية العام 2015 بينما كانت ذروة الحرب ودمشق المحاصرة بغوطتيها المشتعلتين، شاع حديث عن استثمار سياحي عقاري بين الغوطتين، في تلك الفترة كان عليك لتعبر أن تكون أسرع من رصاصة القنص، لقد كان قرار العودة أشبه بانحرافة مشفوعة برصيد وافر من الانتماء، لم يعد يفيد البكاء على الأطلال، إما نعود وننتصر، أو نعود ونموت جميعاً هذا ما أسر به لأحد شركائه، فكانت العودة أسرع من رصاصة الزمن وأمضى من لوثة التخلي.
أقفل عائداً وفي جعبته حلم قديم تجسد بـ “ماكيت” يعود تاريخ تصميمه لسنوات قبل الأزمة، بعد منتصف العام 2016 عقدت عدة اجتماعات على مستويات حكومية رفيعة لدراسة مشروع ضخم “غراوند تاون” المدينة المتكاملة، يقول زبيدي: “حضرتها جميعها، كانت اجتماعات شاقة، لكن الاصرار على تجاوز النقاط الخلافية أثمر بتوقيع عقد الشراكة بين الحكومة وشركة ZK لتطوير محيط مدينة المعارض بما فيها فندق إبيبلا وقصر المؤتمرات إضافة إلى الفلل الرئاسية، وكانت أكبر الاستثمارات العقارية والسياحية منذ أن بدأت الحرب والمؤامرة على سورية.
عن القدرة على حشد الطاقات والأفكار يتحدث الرجل الذي تصدر قائمة أبرز الشخصيات الاقتصادية السورية لعام 2018 وفق استطلاع “الاصلاحية”: “في استطلاع حول الشخصية الاقتصادية السورية الأبرز لعام 2018.. خالد زبيدي أولاً“، طاقات وأفكار من شأنها تغيير وجهة الاستثمارت باتجاه شريان سورية الجوي، للاقلاع بدمشق الجديدة في رحلة إعادة الإعمار، يوضح: “سورية قلب العالم والباب الأوسع للدخول إليها هو مطار دمشق الدولي، وحيث يكون معرض دمشق الدولي تكون الحياة الاقتصادية”، ينطاق في ذلك الرأي من استعراض بسيط لمحطات المعرض منذ انطلاقته الأولى خمسينيات القرن الفائت، أين يكون تكون الحياة.
خلال “الاستطلاع” كان واضح قرب رجل الأعمال الشاب من موظفيه، القدرة على الحشد لم تكن عفوية، له تجارب سابقة في مواعيد ومناسبات مختلفة، فالاستثمار المتكامل وفق رؤيته لا ينحصر في الحجر، وبقدر العطاء الذي تمنحه للآخرين، سيأتي يوم لتحصده عطاءً مماثلاً، منذ عدة أشهر كان “زبيدي” أمن على مئات العاملين لديه صحياً، زودهم ببطاقة تأمين صحية من سوية “VIP”، ذلك جزء من الفكر الاقتصادي السليم وتوزيع المخاطر، صاحب مقولة “أبشر” لكل من وقف ببابه، لم يكن ليفكر بعكس ذلك.
#لأنو_صار_وقتا..
Post Views:
0