الاصلاحية | منصة التحكيم |
يخطئ من يعتقد أنه يعرف المجتمع السوري بدقة.
فكل المعلومات والبيانات المتداولة حالياً حول تحولاته ومتغيراته، إما أنها منتجة بصورة مجتزأة لا تمثل المجتمع السوري كاملاً، وإما أنها عبارة عن تقديرات وحسابات شخصية، وإما هي وجهات نظر غير مسندة بحقائق وبيانات إحصائية.
ولهذا هناك تناقضات وخلافات عميقة حول العديد من القضايا المجتمعية الراهنة… والأخطر أن هناك جهلاً بات يشكل خطراً على الحقيقة.
فمثلاً…
هناك من يؤكد أن معدل البطالة خلال سنوات الحرب وصل لنحو 55%، وهناك من يعتقد أنه لم يتجاوز 25%، وكل منهما يدعم رأيه باستنتاجات وقراءات تحليلية، إنما ليس هناك مسح علمي يحسم هذا الجدل.
كذلك الأمر بالنسبة لمعدلات الفقر، الأمية، النمو السكاني، وغيرها من المؤشرات الاقتصادية والديمغرافية والاجتماعية الرئيسية.
وأكثر من ذلك…
نحن لا نعرف في سنوات الحرب شيئاً عن استهلاكنا كسوريين من الغذاء، عن إنفاقنا على الدواء، عن مدخراتنا المالية، عن أموالنا التي خرجت، عن كفاءاتنا وخبراتنا التي هاجرت، عن أسواقنا، عن التهريب… بصراحة عن كل شيء.
لا ننكر أن هناك باحثين واقتصاديين سعوا خلال الفترة الماضية، بصدق وجهد واضحين، لقراءة جزء من الواقع السوري وتحليله، وقدموا أبحاثا ودراسات جديرة بالاهتمام والنقاش.
إنما المؤشرات المستهدفة تبقى مرهونة بجهد متكامل لعدة مؤسسات، بتوفر إمكانيات كبيرة، وبكادر بحثي متخصص وواسع.
باختصار…
نحن نفتقد كمؤسسات وأفراد لحقائق وبيانات إحصائية دقيقة يمكن الركون إليها علمياً في رسم سياساتنا واستراتيجياتنا في جميع القطاعات…
ولذلك فإن حديث البعض أو تذرعه بـ «الخصوصية السورية» عند مقاربته لأي عمل ليس له أي معنى، طالما أننا غير قادرين على تحديد ملامح تلك الخصوصية، سماتها، والعوامل المؤثرة فيها…
لا بل أن هذه «الخصوصية» لم تتبلور كما ينبغي في أي مشروع، أو تشريع، أو سياسة… والأمثلة كثيرة منذ سنوات ما قبل الحرب، وخلالها.
من هنا، فإن الأولوية اليوم تقتضي دراسة المجتمع السوري بكل تفاصيله وتحولاته بشكل علمي ومنهجي، بعيداً عن أية مواقف أو استنتاجات مسبقة، فالحرص على بناء مستقبل أفضل لسورية يفرض توافر قاعدة بيانات ضخمة وتفصيلية، ترصد كل نواحي الحياة ومتغيراتها خلال الحرب… وإلا فإننا نغش أنفسنا والأجيال القادمة!.
زياد غصن _ صحيفة الخبر
Post Views:
0