الاصلاحية | متابعات |
انتقد الاتحاد العام لنقابات العمال في تقريره الاقتصادي الأداء الحكومي الذي لم يكن برأيه فعالاً وقادراً على مواجهة التحديات بكفاءة ومسؤولية؛ ما انعكس سلباً على الحياة المعيشية، وذلك من خلال تراجع الخدمات وتدني سعر الصرف وارتفاع الأسعار وتدني دخل الفرد بشكل يستحيل المواءمة بين الدخل والاستهلاك.
التقرير بين أن التقصير الحكومي يتضح في معالجة المشكلات الاقتصادية الطارئة المتمثلة بأزمات الكهرباء والمحروقات الضرورية لعيش المواطنين كالغاز والمازوت، وأخيراً أزمة البنزين وارتفاع أسعار المواد الغذائية والخضار واللحوم إلى أرقام قياسية، وبشكل لم يعد المواطن السوري قادراً على تحملها، فالوعود التي أطلقتها الحكومة مراراً لتحسين أوضاع المواطنين المعيشية تلاشت، ولم يكن لها أي أثر إيجابي، بل على العكس تماماً كلما تسربت بعض الإشاعات عن زيادة الرواتب والأجور يسارع التجار لرفع أسعار المواد والسلع الاستهلاكية في ظل غياب شبه كامل للرقابة التموينية على الأسواق والأسعار؛ مما جعل الغالبية العظمى من المواطنين وذوي الدخل المحدود في وضع اقتصادي كارثي، فالأزمات المتلاحقة والمتواصلة التي يعيشها البلد يدفع ثمنها أبناء الطبقة الكادحة من العمال والفلاحين الذين أرهقتهم ظروف المعيشة القاسية، حيث بات دخل الموظف الشهري لا يكفيه سوى بضعة أيام من الشهر؛ مما اضطر أغلب الموظفين للعمل بدوام إضافي وأحياناً دوامين لدى القطاع الخاص لتأمين حاجات أسرته من المواد الأساسية والضرورية اللازمة لمعيشتهم.
عدم التخطيط
ولم يكتفِ التقرير الاقتصادي بانتقاد الأداء الحكومي، بل اتهمه بالعشوائية وعدم التخطيط والتخبط في مواجهة مختلف الأزمات، وفي اتخاذ القرارات وطرق التقنين، وإدخال البطاقة الذكية التي يشكل موضوع الحصول عليها أزمة أخرى تضاف للأزمات التي أرهقت كاهل المواطنين من حيث الازدحام وهدر الوقت للحصول عليها.
وانتقل التقرير إلى التركيز على دور المنظمات النقابية والاتحاد العام الذي تعول عليه الطبقة العاملة آمالاً كبيرة في الإشارة إلى مواقع الخلل، وطرح الحلول لإصلاحها، وتقديم الدراسات والاقتراحات للنهوض بواقع عمل المؤسسات والشركات العامة للقيام بدورها في تحسين الوضع الاقتصادي للبلد والمواطنين، حيث عاد التقرير ليؤكد أولاً على أن القطاع العام الصناعي مازال الركيزة الأساسية للاقتصاد الوطني بالرغم من الواقع المزري الذي وصل إليه في ظل الأحداث الإرهابية التي عصفت بالبلد وأدت إلى تدمير أغلب المؤسسات والشركات العامة الواقعة في المناطق التي طالتها يد الإرهاب والتخريب.
غير كافية
واعتبر التقرير أن المبالغ التي رصدتها الموازنة العامة للدولة لعام 2019 مبلغ /1100/ مليار ليرة سورية لعمليات إصلاح القطاع العام وإعادة الإعمار والإنشاءات العامة والنهوض بواقع البلد.. مبالغ غير كافية وخجولة، وهنا يطرح التقرير العديد من التساؤلات عن مستقبل هذا القطاع وعن وجود نية صادقة لإصلاحه أم هناك نية مبيتة لبيعه وتحويله إلى القطاع الخاص، خاصة أنه لا توجد رؤية واضحة لدى الحكومة وصادقة لإصلاح القطاع العام والحفاظ عليه، وخصوصاً في ظل سياسة تهجير الأيدي العاملة الفنية والخبيرة من مؤسسات وشركات القطاع العام إلى القطاع الخاص بسبب ضعف الرواتب والأجور والحوافز الإنتاجية والمكافآت وغيرها.
معالجة القضايا
واستعرض التقرير بعض القضايا الاقتصادية التي تتم متابعتها من قبل أمانة الشؤون الاقتصادية في الاتحاد العام، وذلك من خلال عمل ممثليها في مجالس إدارات المؤسسات والشركات العامة، كموضوع العقد المبرم مع شركة /غزال غلوبال لشراء طائرة إير باص 340/ مع محركين احتياطيين، واعتراض ممثلي العمال على العقد ووعد السيد وزير النقل بموافاة الاتحاد العام بنتائج تدقيق اللجنة التي تم تشكيلها بهذا الخصوص، وحتى هذا التاريخ لم ترد أية معلومات عن النتائج، وموضوع شركة إسمنت عدرا والمذكرة المقدمة من نقابة عمال الإسمنت والبورسلان والأترنيت بدمشق والتي تشير إلى الإخلال بشروط العقد الموقع بين الشركة وشركة فرعون الخاصة المسؤولة عن إعادة التأهيل والتطوير في المعمل والتي انعكست سلباً على العملية الإنتاجية، وزيادة استهلاك المواد الأولية وارتفاع تكاليف الإنتاج والأضرار بالبنية التحتية والأساسية للمعمل.
ولفت التقرير إلى عمل لجنة القرار (785) لعام 2017 حول إعادة هيكلة القطاع العام الاقتصادي /إصلاح مؤسسات القطاع العام الاقتصادي/ والتي أقرت السياسات والبرامج الاقتصادية في رئاسة مجلس الوزراء والوثيقة التنفيذية لإصلاح مؤسسات القطاع العام الاقتصادي التي تبدأ بإيجاد المرجعية القانونية وتصنيف المؤسسات وتحليل واقعها وإعادة الهيكلية الإدارية والتنظيمية والمالية، واعتماد النموذج الإصلاحي الخاص بكل مؤسسة، على أن يمثل مشروع إصلاح المؤسسات في القطاع العام الاقتصادي أحد روافــد المشروع الوطني للإصلاح الإداري وإيجاد الآلية والمرجعية التمويلية للبرنامج والأرضية القانونية والإدارية والتنظيمية لتطبيق المشروع، والاستعانة بالخبرات الوطنية وتجارب بعض الدول في هذا المجال، واختيار النموذج الأفضل للإصلاح وفق خصوصية كل مؤسسة، وأهمية أن تكون عملية الإصلاح مركزية من خلال الوزارات مع الالتزام بالإطار الزمني للتنفيذ بالتوازي بين مختلف المراحل.
وحدد التقرير الصعوبات والمشاكل التي يعاني منها العمال في المؤسسات والشركات العامة، والتي تتمثل في ضعف وتدني الرواتب والأجور ونقص الأيدي العاملة وخصوصاً الفنية والخبيرة، وقدم الآليات وتعطلها، ونقص قطع التبديل والصيانة، وقلة وسائل النقل للعاملين وضعف الحوافز الإنتاجية والعمل الإضافي والمكافآت والتعويضات والوجبات الغذائية، وتسرب الأيدي العاملة وخاصة الفنية والخبيرة من معظم المؤسسات.
المصدر: جريدة البعث
Post Views:
0