لا تكاد رواتب الموظفين تغطي أبسط احتياجاتهم في ظل ارتفاع الأسعار الحالية، حيث يعيش معظم العاملين في القطاع العام البالغ عددهم وفق بيانات المكتب المركزي للإحصاء المنشورة في عام 2022 بنحو 1,595,475، من أصل 2,797,277 عامل في سورية، تحت وطأة الفجوة الضخمة الأخذة بالتزايد بين ضرورات الحياة والحد الأدنى للرواتب الذي لا يتعدى حدود 92,970 ليرة سورية.
وبالاعتماد على بيانات السنوات 2015 و2019 و2023 ألقت صحيفة “قاسيون” المحلية نظرة على التقلبات التي أصابت القيمة الفعلية للحد الأدنى للأجور وأشارت إلى أنه ارتفع – نظرياً- من 13,670 ليرة سورية في عام 2015 إلى 16,750 ليرة في عام 2019، ليعود ويرتفع مرة جديدة إلى 92,970 ليرة يتقاضاها العامل اليوم في مطلع 2023، أي أن الحد الأدنى للأجور في البلاد «تضاعف» -نظرياً أيضاً- بحوالي 6 مرات منذ عام 2019.
وبالنسبة لمعيار الذهب، كونه واحد من السلع الأكثر استقراراً والأقل تقلباً من حيث القيمة.
في عام 2015، كانت 13,670 ليرة سورية تستطيع شراء ما يقارب 2.6 غرام ذهب من عيار 21، لكن بعد أربعة أعوام فقط، أصبح الحد الأدنى للأجور البالغ 16,750 ليرة غير قادر على شراء سوى 1.01 غرام ذهب، ليواصل هذا الحد انهياره إلى أن أصبح بالكاد قادراً على شراء 0.2 غرام ذهب في عام 2023. ما يعني أن قيمة الأجر الفعلية وفقاً لهذا المعيار قد انخفضت بما يزيد على 92.3%.
الصحيفة المحلية ذكرت أن واحد من المعايير الإضافية التي يمكن ذكرها للإشارة إلى مقدار التراجع الذي طال قيمة الحد الأدنى للأجور في البلاد هو قياس هذا الحد بنسبة ما يغطيه من تكاليف المعيشة الضرورية للأسرة التي تشمل تكاليف الغذاء بالإضافة إلى تكاليف الحاجات الضرورية الأخرى من نقل واتصالات وتعليم وغيرها..
وبأخذ آخر نتيجة لمؤشر قاسيون لتكاليف المعيشة، أشارت الصحيفة أن وسطي تكاليف معيشة أسرة سورية مكونة من 5 أفراد ارتفع من 68,160 ليرة سورية في 2015 إلى قرابة 332,000 ليرة في 2019، لتتصاعد على نحو كارثي إلى حوالي 4,012,178 ليرة سورية وفقاً لحسابات بداية عام 2023، ما يعني أن هذه التكاليف ارتفعت بالليرة السورية بحدود 5786% منذ عام 2015!
وبالنظر إلى ما يغطيه الحد الأدنى للأجور من هذه التكاليف أكدت الصحيفة: في عام 2015، كان الحد الأدنى للأجور في البلاد قادراً على أن يغطي حوالي 20% من وسطي تكاليف المعيشة. لتهبط هذه النسبة إلى 5% في 2019، ثم إلى حدود 2.3% في 2022. أي أن نسبة التغطية انخفضت بحدود 88.5% أيضاً.
إذا أخذنا بعين الاعتبار أن معيار الذهب أثبت أن نسبة التراجع لا تقل عن 92.3%، ومعيار تكاليف المعيشة كشف عن تراجع يصل إلى 88.5%، يمكننا القول إن الحد الأدنى للأجور تراجع من حيث قيمته الفعلية بنسبة 88% وسطياً خلال ثماني سنوات.
وختمت الصحيفة بالقول: مهما بلغت ارتفاعات الحد الأدنى للأجور فإنها لن تعني شيئاً إن لم تكن متسقة مع رفع القدرة الشرائية والقيمة الحقيقية لهذا الأجر، إذ يمكن أن يرتفع هذا الحد ويتضاعف مرات عدة شكلياً لكنه يتراجع فعلياً تاركاً الملايين من السوريين نهباً للفقر والجوع وانعدام الأمن الغذائي.
Post Views:
0