نجحت الطبيبة الراحلة “رئيسة عبد الله”، في تجاوز صعوبات بنات جيلها ستينيات القرن الماضي، مع التحصيل الدراسي بسبب الأحوال المعيشية الصعبة وصعوبة التنقل. والحصول على لقب الطبيبة الأولى في “مصياف” وقراها.
لم تمنع المعوقات التي فرضتها حياة الأرياف، والبعد عن أماكن تواجد المدارس والجامعات، حلم “عبد الله” بإتمام دراستها بمجال الطب. لمساعدة نساء قريتها وأطفالها، قدر المستطاع وعلاجهم.
تنحدر “عبد الله” من قرية “دير ماما” التابعة لمدينة “مصياف” بمحافظة “حماة”، ودرست المرحلة الابتدائية والإعدادية فيها، وتوجهت بعدها إلى “حمص” لإتمام المرحلة الثانوية. وبالفعل نالت المرتبة الأولى في الثانوية العامة حينها.
ما مكنها من دخول فرع “الطب” بدعم من والدها، الذي كان يعمل في أرضه، ويحلم بابنته كطبيبة تكون الملجأ الآمن لأهالي القرية. ولم يكن الاختصاص موجودا في كلية الطب في تلك الآونة، إلا أنها درست الطب العام أطفال ونسائية.مقالات ذات صلة
فكان تخصصها بهذا المجال، هو العامل الأقوى لتتوافد إليها نساء المدينة وقراها، كونها امرأة مثلهم. والتخلص من الحرج بالحديث بأمور خاصة أمام الطبيب الرجل خصوصاً في تلك المرحلة الزمنية.
مارست “عبد الله” الطب” لمدة تجاوت الـ40 عاماً بعد تخرجها من جامعة “دمشق” عام 1967، وكونت الكثير من العلاقات الطيبة مع أبناء المدينة والريف المحيط بها. واشتهرت بإنسانيتها ومراعاة الحالة المادية لبعض المرضى غير القادرين على تحمل تكاليف العلاج
كان الاعتماد عليها لسرعة تلبيتها والذهاب لمنزل المريض، غير القادر على القدوم إليها في الحالة الإسعافية، أو بعده عن مكان تواجدها. فلم يسبق ورفضت أي مساعدة تطلب منها في هذا الشأن.
تلقت الطبيبة الراحلة دعماً كبيراً من والدها الذي كان يرافقها ليلاً في زيارتها للمرضى، وعرض عليها شراء سيارة خاصة لمساعدتها في التنقل، كما تقول ابنتها الدكتورة “علا حبيب” لـ”سناك سوري”.
استجابت “عبد الله” للفكرة وتعلمت قيادة السيارة أوائل سبعينيات القرن الماضي. لتنال أيضاً للمرة الثانية لقب المرأة الأولى التي تقود سيارة خاصة في مصياف
كما شغلت “عبد الله” منصب أول مديرة لمركز رعاية الطفولة والأمومة أول انطلاقته. وكانت أحد الأعضاء المؤثرين في الاتحاد النسائي، ومن المشاركين بمحاضرات التوعية الصحية
إضافة لأن سعيها واجتهادها بعملها ساعدها لتحقق مكانة مميزة بين الناس، فكانت قدوة لعدد من النساء اللواتي آمنّ بأنهن يملكن ذات الطاقة والقوة. ليصبحن جامعيات ويساعدنّ من حولهن، وتمكنت الراحلة من غرس محبتها لمهنتها في بناتها، لتدرّس ابنتيها “لمى” و”علا” الفرع ذاته لاحقاً. بعد ما شاهدن والدتهن ومحبة الناس لها، وكم تحمله تلك المهنة من مشاق تخففه النتائج الطيبة.
يذكر أن “عبدالله” من مواليد قرية “دير ماما”1941، توفيت في عام 2020 إثر نوبة قلبية. وعملت في البداية ضمن عيادتها الخاصة ومستوصف قريتها “دير ماما” نحو عشرة أعوام، قبل أن تستقر بداية الثمانينات في مدينة “مصياف”. متابعةً عملها في مستوصف المدينة وعيادتها، التي بات يقصدها أهالي القرى المحيطة.
Post Views:
0