أخبر طبيبك انك أب!

هل أخبرك طبيبك أن “مرض السكر” هو من تسبب لك بتلف الأعصاب؟.. أعتقد أنه لم يستمع إليك جيداً واكتفى بتوجيه بعض الملاحظات على شكل أسئلة غبية من قبيل (هل تكثر من الحلويات؟.. هل تشرب الشاي سكر زيادة؟.. هل تكثر من أكل الخبز الأبيض والأرز على العشاء؟) ثم دعاك لتكف عن كل ذلك وطلب منك ان تمارس رياضة المشي وتتحول لإنسان شبه نباتي.

على كل حال كان عليك أن تقاطعه من أول سؤال، وتخبره انك في الصباح الباكر تنهض مسرعاً إلى فرن الحي لتجلب الخبز طازجاً، ثم تحاول عندما تعود ان تبتسم بوجه طفليك الذين قفزا لتوهما من الفراش، تتحسسهما فتجدهما دافئين وطريين تماماً كأرغفة الخبز التي جلبتها، فينهشك القلق (ترى هل هي الحمى؟).
أخبره انك تطالع الصحف اليومية وتحديداً صفحتي السياسة والحوادث، وتتابع أخبار ضحايا الحروب ومراكب الهجرة من الأطفال، فينتابك الندم لمجرد انك فكرت يوماً بالهجرة!.
أخبره أنك قبل أن تصل إلى عملك تعارك لأجل الظفر بمقعدٍ في حافلة نقل جماعي تشبه سيارات نقل الموتى، تتكور على نفسك تحاول ان تمد يدك في جيب بنطالك لتخرج النقود، وعندما تسحبها تعلق بين أصابعك قصاصة ورق بيضاء مطوية بعناية، تفتحها مكتوب عليها (بابا لا تنسى الشوكولا بتوقيع ابنتك الصغيرة)..
لا تنسى أن تخبره أنك في ذلك اليوم الماطر مررت بطفلين أسمرين عند إشارة المرور يبيعان العلكة ويتسولان الدفء، قل له كيف شردت في وجهيهما لدرجة أنك خلتهما طفليك، فرجعت إلى بيتك كذئب جريح تطوقهما بين ذراعيك وتبكي!.
أخبره أن الندبة التي على جبينك ليست “وحمة” إنما هي أثر جرحٍ قديم، عندما انحنيت لتربط الحذاء لطفلك فارتطم رأسك بزاوية خزانة الأحذية..

أما عن السكر لا بأس ان تعترف له بأنك أحياناً تكمل ما تبقى من عروسة السكر التي تسقط من يد طفلتك وهي تغفو على كتفك.

حسناً -دعك من كل ذلك- عندما تراجع طبيبك في المرة القادمة.. فقط أخبره أنك “أب”