اعتبر المحامي المعروف عارف الشعال ان تصريحات وزير العدل في حكومة تصريف الاعمال الأخيرة لقناة الجزيرة مباشر تشير إلى بأن الإدارة الجديدة تتجه نحو إصدار قانون للعدالة الانتقالية يقضي بتشكيل (محكمة ذات طبيعة خاصة) لمحاكمة مجرمي النظام البائد المسؤولين عن جرائم القتل والتعذيب والإخفاء القسري، ومحاكمة قضاة المحكمة الميدانية وربما قضاة محكمة الإرهاب.
وأشار الشعال في منشور عبر حسابه الشخصي في فيسبوك إلى ما عاناه الشعب السوري من المحاكم الاستثنائية التي تفنن بتشكيلها حزب البعث منذ استيلائه على السلطة، لافتاً إلى أنه لم يكتف طيلة عهده المشؤوم بمحكمة استثنائية واحدة، وإنما اثنتين (ميدانية/ أمن دولة – ميدانية / إرهاب) استخدمهما كأداة بطش واقتصاص للثأر من الخارجين على نظامه!.
وقال الشعال: “إننا كرجال قانون ننظر بمنتهى الريبة والحذر لهذا النوع من المحاكم، كونها لا تراعي أدنى متطلبات العدالة، لدرجة أن مصطلح (محكمة) لا ينطبق عليها، بقدر ما تعتبر ذراعاً للجهاز الأمني تأتمر بأوامره وتنتهي بنواهيه!.
واضاف: “بالمقابل، لابد من الاعتراف من الوجهة التاريخية أن لكل عهد جديد في سوريا محاكمه الخاصة لمحاكمة رجالات العهد السابق، وإن كانت لا تقارن ببطش محاكم البعث!.
ولفت الشعال الى انه عقب الإطاحة بحسني الزعيم، أصدر الرئيس “هاشم الأتاسي” في 8 تشرين الأول 1949 المرسوم التشريعي رقم /52/ الذي زاد من صلاحية “المجلس العدلي” للنظر بالجرائم المتعلقة بأمن الدولة، المرتكبة في عهد الزعيم.
وعقب الانفصال عن مصر أيضاً شكّلت السلطات أيضاً في 16 تشرين الأول 1961 بموجب المرسوم التشريعي رقم /31/ “المجلس العدلي” يختص بنظر الجرائم المرتكبة بفترة الوحدة.
وبحسب الشعال فإن ما يسوغ للإدارة الجديدة إحداث محكمة خاصة، هو تجنب بيروقراطية العدالة الجزائية وبطئها الشديد، وحصر محاكمة هذه الجرائم أمام جهة قضائية واحدة بدلاً من تشتيتها أمام محاكم متعددة تبعاً للاختصاص المكاني لارتكاب الجرم.
ونبه الشعال في حال تشكيل مثل هذه المحكمة لابد أن تكفل ناحيتين جوهريتين:
الأولى: أن يكون أعضائها جميعاً من القضاة الطبيعيين الذين تتوفر بهم شروط القاضي المنصوص عليها في قانون السلطة القضائية، ومن المشهود لهم بالفهم والنزاهة والحياد (وبالمناسبة هناك قضاة كُثر حالياً تنطبق عليهم هذه الصفات).
الثانية: أن ينص نظامها على كافة ضمانات المحاكمة العادلة المنصوص عليها في القانون، كحق الدفاع وعلنية الجلسات، وحق الطعن بقراراتها، وألا تنتقل المحكمة من مكانها لمكان وجود المتهم، وألا تُعفى من التقيد بالأصول والقانون.
وختم الشعال بالقول: “يجدر بنا كمواطنين، وحقوقيين وعلى رأسهم نقابة المحامين، أن نبقي العين ساهرة على أية محكمة تعتزم الإدارة تشكيلها، ونعمل لأن تكون محكمة تحقق العدالة تؤسس لدولة القانون، لا محكمة تنشد الثأر تؤسس لدولة الاستبداد.
Post Views:
0