تحدثت تقارير إعلامية غربية عن “خدعة” أمنية حاكها سلاح الجو الإسرائيلي، أسفرت عن اغتيال قادة كبار في القوات الجوية الإيرانية. وهي خطوة تزامنت مع حراك على المستويات الدبلوماسية والسياسية، تمكنت من خلالها إسرائيل بالتعاون مع الولايات المتحدة من إيقاع إيران في “شرك” المعلومات المضللة، بحيث عجزت عن التصدي للهجوم الإسرائيلي الذي طاولها فجر اليوم، وأدى إلى خسائر مادية وعسكرية جسيمة.
تفاصيل الخدعة
وفي تفاصيل “الخدعة” الأمنية، نقلت قناة “فوكس نيوز” الأميركية عن مسؤول أمني إسرائيلي، قوله إن تل أبيب “خدعت سلاح الجو الإيراني ودفعته لعقد اجتماع اغتالت خلاله قادته الكبار”.
وقال المسؤول للقناة: “نفذنا خطوات محددة ساعدتنا على معرفة المزيد عنهم، ثم استخدمنا تلك المعلومات للتأثير على سلوكهم”. وأضاف “كنا نعلم أن ذلك سيقودهم للاجتماع، والأهم من ذلك، كنا نعرف كيف نبقيهم هناك”.
وأشار المسؤول إلى أن الضربات “كانت أنجح مما توقعت إسرائيل”، موضحاً أن أنظمة الدفاع الجوي والصواريخ الباليستية الإيرانية التي يُفترض أن ترد على إسرائيل “تم استهدافها مسبقاً”.
وفي وقت سابق اليوم، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه اغتال قائد سلاح الجو في الحرس الثوري الإيراني، إلى جانب عدد من كبار المسؤولين العسكريين.
وجاء في البيان: “الجيش الإسرائيلي اغتال قائد سلاح الجو في الحرس الثوري الإيراني، كما تم اغتيال قيادة الجهاز الجوية معه”. وأوضح أن “شعبة الاستخبارات العسكرية رصدت اجتماع قيادة سلاح الجو التابعة للحرس الثوري في مقرّ تحت الأرض، استعداداً لتنفيذ هجوم ضد إسرائيل”.
وقال إن “طائرات مقاتلة تابعة لسلاح الجو هاجمت المقرّ، حيث كان يتواجد قائد سلاح الجو أمير علي حاجي زاده، إلى جانب قادة كبار آخرين”، معلناً أن الهجوم أسفر أيضاً عن اغتيال “قائد وحدة المسيّرات في سلاح الجو، طاهر فور، وقائد وحدة الدفاع الجوي في الحرس الثوري، داوود شيخيان”.
وفيما يعقد رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن يسرائيل كاتس، وكبار المسؤولين العسكريين تقييماً أمنياً عند الساعة السادسة والنصف من مساء اليوم، تشير التقديرات الإسرائيلية إلى أن المواجهات مع إيران قد تستمر لأسبوعين، وذلك “بحسب طبيعة رد طهران” على العدوان الإسرائيلي الواسع.
ويأتي الكشف عن هذه التفاصيل، وفي وقت أكد الحرس الثوري الإيراني مقتل قائد قوته الجوفضائية، العميد أمير علي حاجي زاده، وضباط آخرين في الضربة التي استهدفتهم اليوم.
وقال الحرس الثوري في بيان إن “علي حاجي زاده ومجموعة من المقاتلين الشجعان والمتفانين في هذه القوة استُشهدوا” في هجوم إسرائيلي على مركز قيادتهم.
لماذا الآن
في غضون ذلك، قال دانيال شابيرو، الذي شغل منصب نائب مساعد وزير الدفاع الأميركي لشؤون الشرق الأوسط حتى كانون الثاني/يناير الماضي، إن الضربات الإسرائيلية أكبر بكثير مما حققته هجمات نيسان/ أبريل وتشرين الأول/ أكتوبر 2024.
وأضاف في حوار مع مجلة الشؤون الخارجية “فورين أفيرز”، “من الواضح بالفعل أن إسرائيل تمكّنت من ضرب مواقع نووية رئيسية، مثل منشأة نطنز للتخصيب، والمواقع المرتبطة بأبحاث الأسلحة المحتملة، ومواقع إطلاق الصواريخ الباليستية، والعديد من كبار قادة النظام والشخصيات المشاركة في البرنامج النووي الإيراني. وهذا أوسع بكثير مما توقّعه أيّ شخص تقريباً”.
وحول توقيت الضربة الإسرائيلية، رأى شابيرو أن نتنياهو “شعر بأن إسرائيل ربما لن تحظى بفرصة أفضل لضرب المنشآت النووية الإيرانية”، خصوصاً بعد ضرب حزب الله وتدمير بطاريات الدفاع الجوي من طراز “S-300” التي قدمتها روسيا لإيران —وهي الأكثر تطوراً لدى طهران— في تشرين الأول/أكتوبر.
وتوقع أن الرد الإيراني سيكون بمحاولة إطلاق ما يصل إلى عدّة مئات من الصواريخ الباليستية على إسرائيل، فيما ستحاول الأخيرة منع إغراق دفاعاتها الجوية وتقليل الأضرار، كما فعلت ضد الهجومين الإيرانيين السابقين، مرجحاً أن تواجه إسرائيل أيضاً هجمات إضافية من الحوثيين في اليمن. وقد يُطلب من حزب الله، حتى في حالته الضعيفة، أن يردّ أيضاً. ولكن من غير المرجّح أن يتمكّن الحوثيون من إطلاق هجوم كبير. ومن المؤكد أن تراجع قدرات حزب الله سوف يحدّ من تأثيره، كما قد تفعل الضغوط من جانب الحكومة اللبنانية الجديدة.
وفي ما يتعلق بالبرنامج النووي الإيراني، قال شابيرو “إن أغلب التقديرات تشير إلى أن إسرائيل، بمفردها، قادرة على تأخير البرنامج النووي الإيراني لعدّة أشهر، في حين تشير التقارير العامة إلى أن الضربات الأميركية قد تؤدي في الوقت نفسه، إلى تأخير البرنامج النووي الإيراني لمدة تصل إلى عام. لكن هذه الجداول الزمنية تفترض أن تبدأ إيران إعادة البناء على الفور، ولا تأخذ في الاعتبار التأخيرات الإضافية التي قد تحدث على أساس عوامل اقتصادية أو سياسية. ولا تأخذ هذه التقديرات أيضاً، في الاعتبار تأثير الردع أو إعادة الضربات المحتملة”.
ورجح شابيرو أن “تقوم إيران الآن بمحاولة يائسة للحصول على السلاح النووي. وسوف يواجه (الرئيس الأميركي دونالد) ترامب بدوره قراراً بشأن ما إذا كان سيتدخّل عسكرياً لمنع إيران من امتلاك سلاح نووي. ومن شأن هذا القرار أن يؤدّي إلى انقسام مستشاريه وقاعدته السياسية، نظراً لإصراره منذ فترة طويلة على إبقاء الولايات المتحدة بعيدة عن حروب الشرق الأوسط”.
Post Views:
0